للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر (١)؛ فمن أعظم أصول الدين: المحبة، بل هي قاعدة العبادة، فكيف يكون حبٌّ في قلب العبد المؤمن وهو لم يعرف الله -عز وجل-؛ فالله تعالى فتح لنا باب معرفته من هذا الطريق، فإن شأت فادخل وتعَرَّف على أسماء الله وصفاته وأفعاله، وإلا فإنك محروم مِنْ ضِمن مَنْ حُرم مِنْ هذا الخير العظيم؛ فطمأنينة القلب وحياته هي في هذا الأمر العظيم: في معرفة الله -سبحانه وتعالى-، ولا سبيل للحصول على هذه المعرفة إلا من باب العلم بأسماء الله وصفاته، فلا تَستقر للعبد قَدَم في معرفة الله إلا بالتعرف على أسمائه وصفاته الواردة في القرآن والسنة؛ فالعلم بأسماء الله وصفاته يَفتح للعبد هذا البابَ العظيمَ، فالله عز وجل لم يجعل السبيل إلى معرفته من طريق الاطلاع على ذاته، فهذا الباب موصود إلى قيام الساعة، كما أخبرنا بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: «تَعَلَّمُوا أنَّه لن يَرى أحدٌ مِنكم ربَّه عز وجل حتى يَموت» (٢).

وكذلك فإنَّ من المحال أن تَستقل العقول البشرية بمعرفة ذلك وإدراكه على وجه التفصيل، فهي عاجزة عن ذلك لكونه من المُغيبات التي لا سبيل إلى معرفتها إلا من طريق الوحي، والله عز وجل يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}، فهذه الآية تُبين محدودية علم الإنسان.

وقد اقتضت رحمة العزيز الحكيم أن بَعث الرسل به مُعَرِّفين وإليه داعين، وجعل معرفته سبحانه بأسمائه وصفاته، أفعاله هي مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم، فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم والأصل الأول فيها: معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله. ثم يتبع هذا الأصل أصلان عظيمان هما:

١ - تعريف الناس الطريق الموصلة إلى الله، وهي: «شريعته المتضمنة لأمره ونهيه».


(١) «مفتاح دار السعادة» (١/ ٨٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٣١) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>