للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسماءالحسنى؛ كالشيء والمعلوم، ولذلك لم يُسم بالمريد، ولا بالمتكلم، وإن كان له الإرادة والكلام؛ لانقسام مسمى المريد والمتكلم، وأما الموجد فقد سَمَّى نفسه بأكمل أنواعه، وهو الخالق، البارئ، المصور، فالموجد كالمحدث والفاعل والصانع. وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى؛ فتأمله، وبالله التوفيق» (١).

وقال- أيضًا- رحمه الله: «إنَّ الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه، بل يُطلق عليه منها كمالها، وهذا كالمريد والفاعل والصانع، فإن هذه الألفاط لا تدخل في أسمائه، ولهذا غلط من سَمَّاه بالصانع عند الإطلاق، بل هو الفَعَّال لما يريد، فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة، ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلًا وخبرًا» (٢).

فالله- تعالى- اختار لنفسه أكمل وأتم ما يكون في المعنى.

فتأمل هذا ويجب أن تتأدب مع أسماء الله -سبحانه وتعالى-؛ فتنظر إلى جميع أسمائه- تعالى- على أنها تحوي الكمال كله، وعلى أنها هي الغاية في الكمال والحُسن.

فالمعنى: لله أحسن الأسماء وأكملها وأتمها معنى؛ لذا يجب أن نتأدب مع أسماء الله -سبحانه وتعالى- بهذا الأدب، وأن نعتقد الاعتقاد الجازم أن لله تعالى في تلك الأسماء أكمل ما يكون من المعنى، وهذا- أيضًا- متأكد في صفاته كما سيأتي.

وقد ضرب المصنف هنا على هذه القاعدة أمثلة؛ منها: «الحي»؛ فبين أنَّه اسمٌ من أسماء الله تعالى مُتضمن صفة وهي الحياة، وحياة الله- تعالى- هي الحياة الكاملة الدائمة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها فناء، ولا يعتريها


(١) «مدارج السالكين» (٣/ ٤١٥، ٤١٦).
(٢) «فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى» لابن القيم (ص ٢٤)، نشر دار غراس، الكويت، الطبعة الأولى، ١٤٢٤ هـ- ٢٠٠٣ م.

<<  <   >  >>