للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم أن العلم يختص والوصف يكون مشتركًا، فإذا قلت: فلان من الناس طويل. فهذا وصف مشترك بين جملة من الناس.

فمثلًا: لو قلنا: (فلان طويل) فهذا وصف مشترك بين جملة من الناس، فلا يمكن أن تنادي في جمع كبير من الناس، وتقول: يا طويل؛ لأنه قد يلتفت إليك اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة؛ باعتبار أن هذا وصف مشترك بين كل هؤلاء، والاسم يحمل خاصية الاختصاص، فأنت ما سَمَّيت ابنك (أحمد) مثلًا أو غيرها من الأسماء؛ إلا لتتعين وتتميز. فهذه وظيفة الاسم. يقولون: الاسم هو اللفظ الموضوع للشيء تعيينًا له وتمييزًا، فإذا قلت لك: أحضر آلة التسجيل. فهذا اسم قد أطلقتُه على جهاز مُعَيَّن. إذًا فقد عينت لك ماذا أريد، ومَيَّزته عن غيره من الأجهزة؟

فيقولون: الاسم هو اللفظ الموضوع للشيء تعيينًا له وتمييزًا. فهذه وظيفة الاسم، فبالتالي في أسماء البشر وفي أسماء الخلق هناك منافاة بين العلمية والوصفية.

وبالتالي لا يمكن للصفات أن تؤدي هذه الوظيفة بالنسبة للمخلوق؛ لأن صفات العباد مشتركة بينهم؛ فيتعذر بذلك الاختصاص الذي هو وظيفة الاسم.

وقد أراد المعتزلة (١) أن يدخلوا من هذا الباب، بل أراد أهل الباطل- حتى مِنْ قَبلهم- أن يدخلوا من هذا الباب؛ فمثلًا- والله -سبحانه وتعالى- ذكر هذا: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} {الإسراء: ١١٠]، فدعوت فقلت: يا الله. أو قلت: يا رحمن. فكلا الأمرين اسم لله.


(١) المعتزلة: فرقة عقلانية كلامية فلسفية، تتكون من طوائف من أهل الكلام، الذين خلطوا بين الشرعيات والفلسفة والعقليات في كثير من مسائل العقيدة، وقد خرجت المعتزلة عن السنة والجماعة في مصادر التلقي ومناهج الاستدلال ومنهج تقرير العقيدة وفي أصول الاعتقاد، ويسمون أصحاب العدل والتوحيد، ويلقبون بالقدرية والعدلية، وبرزت كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الذي كان تلميذًا للحسن البصري رحمه الله.

<<  <   >  >>