والمعتزلة أرادوا أن يطبقوا في حقِّ أسماء الله تعالى ما هو الشأن في حق أسماء المخلوقين أخذًا بهذه القاعدة اللغوية، والقاعدة اللغوية مسألة اصطلاحية؛ لكي تفرق بين الاسم والصفة، فجعلت هذا جامدًا وجعلت هذا مشتقًّا. وهذا أمر يختص بمسائل اللغة والنحو وغير ذلك.
أما في حق أسماء الله تعالى وأوصافه فلا تناف، وهذا ما تجده مطبقًا في النصوص؛ فأسماء الله أعلام وأوصاف، وهذا تجده ماثلًا أمامك في النصوص. ففي الاعلام قال الله تعالى:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}{الشورى: ١١]، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}{التحريم: ٢]، {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {يونس: ١٠٧]. والذي أخبر بالاسم هو الذي أخبر بالصفة؛ فمثلًا أخبر بـ (الرحيم)، فقال:{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}{الكهف: ٥٨]، وأخبر بالغفور فقال: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ}{فصلت: ٤٣]، وأخبر بالعزيز فقال: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} {فاطر: ١٠]، فالذي أخبر بالاسم أخبر بالصفة، فأين التنافي؟!
وبهذين السببين يتأكَّدُ التَّفريق بين أسماء الخالق وأسماء المخلوقين (١).
فإذا أراد المعتزلي أن يقول: هو سميع بلا سمع، عليم بلا علم، بصير بلا بصر، ليطبق القاعدة النحوية على أسماء الله -سبحانه وتعالى-! فهذا أمر يتنافى مع النص تنافيًا واضحًا؛ لأن الله تعالى أخبر بهذه الأسماء وأخبر بصفاتها، فلا تنافي بين العلمية والوصفية؛ إذ كل اسم من أسماء الله تعالى يدل على الذات؛ باعتبار أن هذا اسم من أسمائه، ويدل على الصفة باعتبار ما تضمنه الاسم من المعنى الذي نُسميه الصفة.
وبالتالي يجب أن ننظر إلى الأسماء باعتبارين: باعتبار أنها مترادفة. وباعتبار أنها متباينة.
(١) «معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى» للشارح (ص ١٠٥).