للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كما يقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠]، وبالاعتبار الثاني متباينة لدلالة كل واحد منها على معنى خاص؛ فـ (الحي العليم القدير السميع البصير الرحمن الرحيم العزيز الحكيم) - كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله -سبحانه وتعالى-، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير وهكذا.

وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليه، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {يونس: ١٠٧] وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} {الكهف: ٥٨]».

فالآية الأولى دلت على أنها أسماء، والآية الثانية دلت على أنها صفات؛ فالرحيم هو المتصف بصفة الرحمة، فهذا من حيث الدلالة الشرعية.

ثم من حيث الدلالة اللغوية «لا يقال: عليم لمن لا علم له، ولا سميع لمن لا سمع له، ولا بصير لمن لا بصر له».

فإذًا الدلالة اللغوية والعرفية تجتمع مع الدلالة الشرعية، وهذا كما قال المصنف: «أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل».

وبهذا عُلم ضلال مَنْ سَلبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل الباطل، وهم المعتزلة وليسوا وحدهم، ويدخل معهم طوائف من أهل الكلام؛ فيدخل معهم الزيدية (١)، ويدخل معهم الروافض الإمامية (٢)، ويدخل معهم


(١) الزيدية: إحدى فرق الشيعة، ترجع نسبتها إلى زيد بن علي زين العابدين، وكان يرى صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعًا، ولم يقل أحد منهم بتكفير أحد من الصحابة، ومن مذهبهم: جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل.
(٢) الإمامية: إحدى فرق الشيعة، وقد افترقوا عن أهل السنة في زعمهم أن الله ورسوله قد نصوا على اثني عشر إمامًا بأعيانهم؛ أولهم: علي بن أبى طالب رضي الله عنه، وآخرهم محمد بن الحسن العسكري، وزعموا أن كل إمام يتولى أمر المسلمين غير هؤلاء فهو إمام باطل بدءًا من الصديق أبي بكر رضي الله عنه ولآخر إمام يتولى الأمر غير الاثني عشر. وقد فارقوا أهل السنة والجماعة بهذا، وفي تكفيرهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عددًا محدودًا منهم (ثلاثة أو خمسة)، ويقول كثير منهم بنقض القرآن، وأن الصحابة حذفوا منه آيات وسور! وقد وضعوا لهم دينًا مستقلًّا عن أهل السنة، ولذلك فهم يخالفون اهل السنة في القرآن وتأويله، وفي معنى السنة، وفي الإمامة، والأئمة …

<<  <   >  >>