للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متلازمة يكمل بعضها بعضًا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح- ولا يقوم- توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالخلل والانحراف في أيِّ نوع منها هو خلل في التوحيد كله، (فمعرفة الله لا تكون بدون عبادته، والعبادة لا تكون بدون معرفة الله، فهما متلازمان) (١).

وقد أوضح بعضُ أهل العلم هذه العلاقة بقوله: «هي علاقة تلازم وتضمن وشمول».

فتوحيد الربوبية مُستلزم لتوحيد الألوهية.

وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية.

وتوحيد الأسماء والصفات شامل للنوعين معًا.

بيان ذلك: أنَّ مَنْ أقرَّ بتوحيد الربوبية، وعلم أنَّ الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته لَزمه (٢) من ذلك الإقرار أن يُفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربًّا خالقًا مالكًا مدبرًا، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده.

ولهذا جَرَت سُنَّة القرآن الكريم على سوق آيات الربوبية مَقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن أمثلة ذلك:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.


(١) «تحذير أهل الإيمان» (١/ ١٤٠)، (ضمن «مجموعة الرسائل المنيرية»).
(٢) اللازم هنا قد يتخلف، كما هو الحال في كفار قريش؛ فهم يُقرون بتوحيد الربوبية، كما دَلَّت على ذلك النصوص، ولكنهم لم يُحققوا اللازم مِنْ إقرارهم بتوحيد الربوبية.

<<  <   >  >>