للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد أخذوا يحاكون السياب اكثر مما يحاكون نازك الملائكة، فليس سره في الشكل وإنما مرده إلى المضمون، وقد كان مضمون السياب؟ من بعد ديوان " أساطير " - أقرب من ديوان نازك إلى ما يراد من الشعر الحديث أن يحققه. وقد أدرك السياب مؤخرا أن إلحاحه على تقرير الأسبقية لابتكار هذا الشكل لا يحفل بمجد كثير إذ تقرير " الأوائل " من الأمور العسيرة، فقال: " ومهما يكن فان كوني أنا أو نازك أو بالكثير أول من كتب الشعر الحر أو آخر من كتبه ليس بالأمر المهم؛ وإنما الأمر المهم هو أن يكتب الشاعر فيجيد فيما كتبه، ولن يشفع له؟ أن لم يجوز - أنه كان أول من كتب على هذا الوزن أو تلك القافية؟. أن الشعر الحر اكثر من اختلاف عدد التفعيلات المتشابهة بين بيت وآخر، انه بناء فني جديد، واتجاه واقعي جديد، جاء ليسحق الميوعة الرومانتيكية وأدب الأبراج العاجية وجمود الكلاسية. كما جاء ليستحق الشعر الخطابي الذي اعتاد السياسيون والاجتماعيون الكتابة به " (١) .

إن أدراك السياب أن " الشعر الحر اكثر من اختلاف عدد التفعيلات المتشابهة بين واجر " - لا يمثل مرحلة ديوان " أساطير " لأنه ان كل الشكل الجديد قد جاء ليستحق " الميوعة الرومانتيكية "، فان ذلك الشكل - على جدته - لم يخدم تلك الغاية في ديوان " أساطير "، وإنما جاء ليخدم الرومانتيكية على نحو جديد، على أن من الانصراف للسياب أن نقول انه من بعد حلول الانعتاق من اكثر ما يمثله هذا الديوان.

ولكن إن كان المضمون أحد مسوغات الثورة في الشكل، فان المضمون الجديد الذي مارسه السياب جزئياً في ديوان أساطير، وكان


(١) العبطة: ٣٧ - ٣٨.

<<  <   >  >>