وهن يحملن السلال في مواسم الحصاد، وشيخا قد كسر حراب الطغاة ودفنها في الجليد واستنبت بدلها ضوء الصباح الجديد، وتأمل السلام وهو يضحك في الحقول والأغاني والمعامل والمدن الضاحيات ورأى زهرته ترف رفيفها الجميل.
وفي الدورة الثانية صور الحرب وقد فتحت شدقها الواسع تحاول ان تلتهم كل ما يقع في طريقها:
شدق يزيد اتساعا كلما رفعت ... ستر الدجى خفقت من كوكب غربا
آلى على الأرض ان يجتث عاليها ... سفلا ويصفع من يأتي بمن ذهبا
ولا يريق دما إلا وأضرمه ... نارا وذرى رمادا منه أو لهبا
تسعى به الريح في الآفاق ناسجة ... للشمس من جذوة أو من دم حجبا وفيما هو يصور ويلات الحرب وكيف أصبحت الأرض " كالأبرص المنبوذ " وتكدست الأجساد تنضح قيحا، علق نظرة بأجساد النساء الجميلات وقد انمط ثديا كل امرأة منهن كالعجين الرخو، فقطع الوصف، وأخذ يتذكر ما كانت تلك المرأة تمثله من جمال:
كم عاشق كانت أمانيه أن ... يرتشف النور على جيدها وبهذه الالتفاتة، وهي تصور مبلغ حرص السياب على ما حرمه من حديث عن المرأة في مثل هذه القصيدة الغائية، فقد السياب ذلك التوازي الذي حققه في المقطع الأول بين هول الحرب ووداعة السلم في اتساق متعادل، وانحاز بنظرة إلى جزئية صغيرة من خيرات السلم.
وفي الدورة الثالثة تحدث عن القنبلة الذرية وفعلها في تشويه الآدميين، وحاول أن يوازي بين الهول في أثرها والتهويل التعبيري، وسماها " ظل قابيل ":
إذا تضرم فاندك الفضاء جذى ... غضبي ونش الدم الفوار والعرق