للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قهرت الخليج بسفينة مثقوبة " (١) .

وهناك نزل هو ومحمد حسين على جماعة من الشيوعيين العراقيين كانوا قد فروا إلى الكويت، واضطروا إلى الإقامة فيها بعد أن حكم عليهم بالسجن غيابيا، وامتلأ المنزل بساكنيه إذ اصبح عددهم ثمانية، وفيهم السائق والعامل والافندي، وفيهم خريج من دار المعلمين الريفية، ومن بين نزلاء البيت ثلاثة مصابون بمرض السل، كذلك قال بدر (٢) ، أتراه كان على خطأ لو جعلهم أربعة؟

وتوزع الأصحاء العمل فيما بينهم، وكان ان وكل إلى بدر القيام بأعمال الكنس وغسل الآنية وإعداد الأسرة وتحضير الشاي والطعام؛ ومن الطبيعي ان يتوقع المرء وهو ينظر إلى هذا البيت المزدحم وقوع المجادلات والمنازعات بين سكانه، خصوصا وان المشارب متفاوتة، والاغتراب يضع النفوس في توتر متحفز، والهنات تكبر إذا صادفت أعصابا مرهقة، والموضوع الصغير يتطور في سياق الجدل التنفيسي إلى مشكلة، فكيف إذا عرفنا ان بدرا لم يكن راضيا عن الدور الذي يقوم به في خدمة تلك العصبة، وهو يرى انه كان يجب ان يتمتع بشيء من امتيازات الفتى المثقف الموهوب الذي يحسن شيئا آخر أهم من غسل الصحون وكنس الغرف وإعداد الأسرة؟

وكان الآخرون؟ وأكثرهم من العمال - يعدونه " أفنديا " ويلمحون لديه عدم التزام دقيق بما يعتقدونه ولاء حزبيا ومبدئيا فهو يشتري قصة " عشيق الليدي تشاترلي " للورنس، فيرونها في يده، فيستنكرون ذلك ويمنعونه من قراءتها، وينصحونه بأن لا يتجاوز في قراءاته الحدود المعقولة المقبولة: ان يساريا مثله يجب ان يتسامى على


(١) جريدة الشعب العدد الأسبوعي: ٤٠٩٠ (١٥/٢/١٩٥٨) .
(٢) الحرية، مقال بعنوان " أخلاق الشيوعيين ".

<<  <   >  >>