للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في القصيدة شديد بروحها " الجبرية " التي تشبه فكرة القدر اليونانية، وهي فكرة العقاب للبريء أو المخطئ جهلا دون تقديم علة، حتى ولا علة امتحان المؤمن (كما في قصة أيوب) . وقد كان السياب بحاجة إلى ان يدرك ان يدرك ان ترديد الأسماء الأسطورية أو التاريخية محض ترديد لا يصنع رموزا؛ وأن صهر الإشارات في سياق القصائد أكثر انسجاماً واقدر. على تحقيق حسن الظن بالثقافة الواسعة، ففي قوله:

انك تقطعين

حبل الحياة لتنقضيه وتضفري حبلا سواه

إشارة إلى بنيلوبه وهي تحيك غزلها ثم تنقضه في انتظار عولس، ولكنها انصهرت في السياق، وأصبحت تومئ من بعيد إلى قصة قديمة، وهي على هذا النحو خير من التصريح بذكر بنيلوبه وفرضه على المقرئ فرضا.

وليس في كل حين يكون الاستمداد من النبع الثقافي موفقا، كيف كانت في الصبا، حتى تنكر من نفسها ما صارت إليه:

تلك المعابثة اللعوب؟ كأنها امرأة سواها ... كالجدولين تخوض ماءها الكواكب، مقتاها ... والشعر يلهث بالرغائب والطراوة والعبير ... ؟.

كانت إذا جلست إلى المرآة يفتنها صباها ... فتظل تعصر نهدها بيد، وتحملها رؤاها ... من مخدع الآثام في المنفى إلى قصر الأمير ... تقتات بالعسل النقي وترتدي كسل الحرير ...

<<  <   >  >>