للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كل جنس ولون؟ " (١) وكان واضحا ان هذا التعليق توجبه جديد لمحتوى ذلك المقطع من القصيدة وانه أيضاً مماحكة سافرة؛ وقابلة جماعة من الرقاق وقالوا له: ما الضرر في أن يضاجع المومس العربية أي امرئ كان ما دامت هي قد رضيت أن تكون بغيا؟ ورد السياب بأنه لا يستنكر مضاجعة البغي وإنما يستنكر أن تتجه امرأة عربية إلى احتراف البغاء، وهذا موضوع يهم العرب، وعلى الشاعر أن يضرب على الأوتار الحساسة في نفوس قرائه (٢) . ولكن التصريح بالشعوبية كان يعني غمزا من نوع جديد، وكان السياب يدرك كما كان الرفاق يدركون أن الأمر خرج إلى حيز قلب المبادئ أو الثورة عليها وإلا فكيف تصبح القومية شعبية والشعبية قومية؟ ان كان لهذا الكلام معنى؟

واشتدت المهاترات، وارتفعت حدة الاتهامات المتبادلة، في المجلس العامة والخاصة عن طريق الأحاديث؟ دوم أن يلجأ أحد الطرفين إلى إدانة الآخر كتابة؛ وكان ذلك يعني أن السياب قد تخلى عن انتمائه الحزبي، وحين أراد الرفاق ان يعلنوا تخليهم هم أيضاً عنه قاطعوا قصيدته " المومس العمياء " بل تلقوا قصيدة " الأسلحة والأطفال " حين نشرت بفتور شديد؛ إلا أن الكثيرين سهم ظلوا على علاقة طيبة به، رغم ما يدور في مجالسهم من منازعات جدلية حادة. وفي تلك الفترة تحول محيي الدين إسماعيل؟ وكان مثله قد تخلى عن انتمائه الحزبي - من " مجرد واحد من معارفه " إلى صديق حميم من أصدقائه، وأخذ الصديقان يعيدان النظر في كثير من المسائل التي تلقياها من قبل بالتسليم ويطرحانها للمناقشة (٣) . ويصور الأستاذ العبطة تلك الفترة من حياة بدر بقوله: " وكانت جلساتنا في الأماسي ما بين ١٩٥٤ - ١٩٥٥


(١) المومس العمياء: ٣١.
(٢) الحرية: ١٤٤٣.
(٣) الحرية: من مقال بعنوان " خاتمة المطاف ".

<<  <   >  >>