للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جريحا كان في أحيائنا يمشي ويستجدي

فلم نضمد له جرحا

ولا ضحى

له منا بغير الخبز والأنعام من عبد. (١)

تلك هي الصورة العامة التي تتمثل للألوهية في قصائد هذه الفترة ومع أننا لا ننفي الجرأة التي صاحبت التعبير هنا، كما لا ننفي إيمان الشاعر بأن اله كل قوم يكون شاكليهم، فاننا نرى أن الدافع لهذا التصور إنما يمثل غيرة دينية على ما أصاب الشعوب العربية والإسلامية من ضعف شديد، ولهذا ذهب في تيار هذه الغيرة المقترنة بروح الثورة يطلب ان يعيد العرب؟ كما أعاد عرب المغرب فيهم - محمدا والهه " العربي ".

لهذا نجد في هذه القصائد التي يجوز تسميتها بالقصائد العربية ميزة فارقة من السهل تمثلها إذا نحن تذكرنا حديث أفلاطون في الجمهورية عن " الكهف " الذي يعيش فيه بنو الإنسان أسرى ومن ورائهم نار تنعكس على ضوئها أشباح لحقائق الخارجية فيظنونها حقائق، حتى إذا قيض لأحد منهم أن يخرج إلى النور الحقيقي بهزه ضوء الشمس (رمز المثال الاسمى) ؟. أقول: أن هذه القصائد " الكهفية " تمثل مسير الشاعر من خلال المفهومات الجماعية إلى حومة الذات، إلى الكهف القديم المريح الذي يتمثل في الرحم أو في القبر، فهو؟ على نحو ما - يجد الراحة في أن يكون بين الموتى، ويرى نفسه دائما دائما دفينا؛ لقد عاد إلى مشكلة الموت ولكن لا ليكون وحده بل ليكون مع موتى كثيرين من أمته، وتخايله فكرة الولادة الجديدة أو الانطلاق من الكهف على لمعان أسنة الثائرين في المغرب، ولهذا نراه


(١) المصدر السابق: ٨٥.

<<  <   >  >>