للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم تعرف فتاة بعينيها؟ ؟. أأنت مثلي محروم من العاطفة لا يرى قلبا يخفق بحبه؟ لا، فأنت وان صدقت في زعمك لست مثلي وأرجو إلا تكون مثلي أن شاء الله؟ مرت السنون وأنا إلى الحب ولكني لم أنل منه شيئا ولم أعرفه، وما حاجتي إلى الحب ما دام هناك قلب جدتي يخفق بحبي؟ (١) " وكان خالد ابعد إدراكاً لطبائع النفوس من بدر، ولهذا حاول أن يطب له في محنته،

لعل بدرا يجد في حال صديقه عزاء لنفسه، وكان عزاء ولو إلى حين. ترى ان خالدا سلك غير هذا السبيل، أكانت الصداقة قائمة بين الشابين يومئذ؟

كان بدر في هذه المرحلة شابا بسيطا لا يتعدى عالمه القرية وضواحيها ومدينة البصرة أو ما عرفه منها، أما بغداد فأنها لا تعيش في خياله، فهو يتهيب الحديث عنها أو الإشراف لزيارتها؛ ودجلة كيف حاله عند بغداد؟ أنه رآه في الحلم فعجز عن ان يقول فيه شيئا من شعر، فهل هو كما رآه في المنام (٢) ؟ ولسنا نستطيع ان نحدد عالمه الثقافي الخاص حينئذ، ولكنا نتصور أنه كان يكثر من قراءة الشعر؟ وخاصة ما كان ينشر منه في الصحف - ولم يكن في أحداث الحياة العراقية أثناء الحرب ما يحدد له موضوعه الشعري المفصل، كان ريفه عالمه المحبوب، ولذلك فانه اتخذه مادة لشعره، وارتبط معه بعلاقات عاطفية رقيقة، إلا أن هذه الرابطة لم تجد امتحانا ولهذا اكتفى بدر بأن ينقل صورا ريفية كبرى، لأنه عاش تلك الصور واحبها، مهما يكن رأي النقد في صوره؛ ولولا قوة تلك الرابطة العاطفية بينه وبين الريف لاستطاعت الأحداث التي نجمت عن ثورة رشيد عالي أن تجره وشعره إلى منطقة السياسة، ولكن عدم تبلور فكرة سياسية غائية في ظروف من العسف والتنكيل قام بها


(١) إلى خالد - البصرة ٢٣/١١/١٩٤٢.
(٢) إلى خالد - البصرة ٢٦ مايس ١٩٤٢.

<<  <   >  >>