وعصب الغضب بصيرته فجعله يصدق كل ما يروى ما دام يصيب أعداءه وينشر فوقهم الشبهات.
ولما كان السخط المحموم يجرف في طريقه جميع الصوى المنطقية فقد انزلق السياب في مزلق عسر حين نصب نفسه عدوا للشيوعية، بعد ان بدأ بداية طبيعية وهي معاداته للحزب الشيوعي العراقي - أو لتصرفات بعض أفراده. ولم يقف ليسأل نفسه: هل تنفع الأسلحة التي يسلطها على الحزب الشيوعي العراقي لتفويض أركان الشيوعية جملة؟ ثم لم يقف ليسأل نفسه مرة واحدة: أليس من المعقول أن كثيرا مما أغضبه إنما نجم عن أناس " ركبوا الموجة " الشيوعية، حين وجدوا في ذلك مغنما؟ ولهذا كان نداؤه:" يا أعداء الشيوعية اتحدوا " يمثل هذا الخلط الشديد، وقد كان واعيا تمام الوعي أين يضعه هذا النداء، ولهذا قال:" نعم إننا نلتقي مع الاستعمار في عدائنا للشيوعية، ولكن ماذا في ذلك؟ أيصح أن نكفر بالله وننكر وجوده لأن المستعمرين من مكارثي وماك آرثر وتشرشل يؤمنون به؟ " وبمثل هذه المغالطات والتسويغات امتلأت مقالات السياب، كما امتلأت بحفر الحفر للإيقاع بأقرب الناس إليه:" ان شقيق زوجتي؟ وهو من أبطال ما بعد ١٤ تموز ورفيق مناضل - هددنا في أيام محنة الشيوعيين قائلا: انتظروا.. انتظروا بعد خمسة ايام فقط ستملأ جثث القوميين شوارع بغداد "(١) ، ووصل إلى حد التصريح بأن " مكارثي اشرف بألف مرة من كثير من الذين يعتبرهم الشيوعيون قادة كبارا "، وقطع على نفسه عهدا بأن لا يكف عن محاربة " الشيوعية " حتى الرمق الأخير.
ومن خلال هذه الحمى الراجعة يهمنا إحساس بدر بأن معين الشعر قد نضب لديه، ولكنه بدلا من أن ينحي باللائمة على الإرهاق الذي أصابه خلال عامي ١٩٥٧، ١٩٥٨ وعلى الاضطراب العام الذي شهده