للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العراق خلال العام التالي رأى أن احتضار الشعر بل موته إنما يتم " في البلدان التي تحكمها الأحزاب الشيوعية؛ أن الشيوعية والشعر شيئان لا يمكن أن يجتمعا بأن حال من الأحوال " (١) وتساءل: " أين هي الشاعرة العربية العظيمة نازك الملائكة؟ وأين صوت الشاعر المبدع الأستاذ علي الحلي؟ ابدلا من قصائده المتأججة بالنار عن الجزائر وعن ثورة الشعب العربي في كل مكان صرنا نقرأ " عشرين قصيدة من برلين و٥١ قصيدة وسواهما من الدواوين الحمراء السخيفة؟ كما أنني أنا نفسي لم اكتب خلال هذه الفترة سوى قصيدة واحدة عن البطلة العربية جميلة بوحيرد؟ " (٢) .

إلا أن ذلك الإحساس بنضوب الشعر كان يعبر عن فترة قصيرة، إذ سرعان ما زايله شبح الجوع حين رجع إلى سلك التعليم واصبح مدرسا في إعدادية الأعظمية أو على وجه الدقة لم يكن مدرسا وإنما كان محاضرا في المدارس الثانوية لحاجتها الماسة إلى مدرسي اللغة الإنكليزية (٣) . ومع ان العمل كان يستغرق ساعات في الليل والنهار فانه أحس بالارتياح إليه وتحسنت صحته " وقد اكتسى باللحم وغاب عنه شحوبه الملازم له " (٤) وتحول من بيته بمنطقة الكسرة إلى مسكن في هيبة خاتون إحدى محلات الأعظمية.

وحين فاتحه الشاعر أدونيس في أمر الهجرة إلى لبنان والبحث عن عمل فيه الفكرة وتساءل: " فهل تراني أوفق إلى العثور على عمل يكفي لإعاشتي وإعاشة زوجي وطفلي؛ لست ادري. على كل حال، أنا مستعد للانشغال في التدريس وان كان ذلك آخر ما أتمناه " (٥) ؛


(١) الحرية، العدد: ١٤٦٩.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) العبطة ص: ١٦ ورسالة إلى أدونيس ١٢ - ٣ - ٦٠.
(٤) العبطة: ١٦.
(٥) رسالة إلى أدونيس بتاريخ ١٢ - ٣ - ١٩٦٠.

<<  <   >  >>