للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه النغمة في استدعاء الموت الوحي موصولة بشعوره العام بالانهيار النفسي بعد إحساسه ببوادر الضعف الجسماني.

ولكن ان كانت مقالات السياب ضد الشيوعية غير كافية في إثبات " براءة الذمة " في نظر الشرطة العراقية، فان أقل منها بكثير كان يكفي لإدراج اسمه في فئة جديدة، لا ضير في ان تسمى فئة المقاومين للشيوعية، فقد أعلن هو نفسه انه عقد العزم على محاربتها حتى الرمق الأخير، ولهذا الإعلان قيمته وخطره، خصوصا حين يصدر عن شاعر لمع اسمه عنوانا على اتجاه حديث في الشعر، ولهذا دعي إلى مؤتمر يتناول الحديث في الأدب العربي المعاصر ويعقد في رومة (بتاريخ ١٦ - ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) سنة ١٩٦١) ليكون أحد المحاضرين فيه حول موضوع " الالتزام واللا التزام في الأدب العربي الحديث ".

وسافر السياب إلى ذلك المؤتمر فمر ببيروت، ومنها أقلته الطائرة إلى رومة في صحبة صديقه أدونيس والأستاذ خليل رامز سركيس، وفي رومة نفسها التقى بعدد من أدباء العالم العربي شرقيه وغربيه وبعدد آخر من الأدباء الغربيين والمستشرقين، وجدد بدر العهد بلقاء صديقيه: الشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي والأديب جبرا إبراهيم جبرا، وتعرف إلى محيي الدين محمد ونشأت بينهما أسباب صداقة متينة (١) ، ولم يكن من المصادفة المحض ان يجتمع في مؤتمر واحد الشاعر ستيفن سبندر والروائي ايناسيو سيلونه وبدر شاكر السياب، وهم الذين تربطهم معا رابطة الثورة على النظام الشيوعي بعد انتماء، فقد حرصت منظمة حرية الثقافة ان يكون هذا الجانب ممثلا في ذلك المؤتمر، وهو


(١) شاهد بدر رغم ضعفه الجسماني - بعض معالم روما كالكوليزيوم والبلاتين وزار الفاتيكان وتجول في بعض الأحياء والمتاجر (أضواء ٤٢، ٤٦) .

<<  <   >  >>