للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي أرسلها إلى صديقه خالد (١) ، وقد صدر تلك القصيدة بقوله: " إلى التي لا تفهم الشعر ولا تسمع قصيدتي هذه ولن تسمعها، ارفع هذه الآهات لعلها تنوب عن زيارتها وهي على فراش المرض "؛ ومن تلك القصيدة:

مريضة؟ لك ربي يا (هويل) ولي ... وللقلوب التي ضلت مقاصدها

مريضة؟ لم ينلك الداء واحدة ... فالروح مثلك عاد الداء وافدها وكانت " هويل " هذه واسمها " هالة " (وتنطق محليا هيلة) بدوية من إحدى القبائل العربية التي تعيش في الحدود الايرانية، ثم انتقل أهلها فسكنوا في ارض لهم بأبي الخصيب وفي إحدى السنوات غطى الماء أراضيهم فأعطاهم السياب الجد قطعة من أرضه ليقطنوا فيها، وكانت هالة تراعي القطيع كل يوم، فتعرف إليها بدر وخفق لها قلبه، وهو في آخر عام دراسي بثانوية البصرة، فاصبح هو الراعي صاحب الناي والتلاحين الحزينة (٢) :

لأجلك أطوي الربى شاردا ... أردد أنغامي الضائعه

وأسكب في الناي قلبي الكئيب ... فتغمره النشوة الخادعه

وكان لحونا دعتنا الربى ... فقرت بأحلامها الرائعه

يسلسلها الليل في صمته ... فتوقظ أشواقه الهاجعه ولكنه يحدثها انه ان يغني فلم يستطع: " خبا لحن قلبي ومات الصدى "؟.. ولذا فانه يكتفي بذكريات الأمس:

وفي ذكر أمس عزاء لنا ... وما أعذب الأمس للذاكر

فكم قبلة ذاب فيها الغرام ... تطوف على قلبي الحائر

فيا لمحة من شعاع الخلود ... سرى الوجد في حملها العابر


(١) تاريخ القصيدة ١٥/١/١٩٤٣.
(٢) من قصيدة مزمار الراعي " بتاريخ حزيران (يونيه) ١٩٤٢.

<<  <   >  >>