للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويا بسمة في قلوب الرعاة ... يفيض بأنغامها خاطري * * *

دعاك فؤاد طوى صفوة ... وكفنه بدموع المقل

أقام الهوى منه محرابه ... فرددت ثم صلاة القبل

ولكنك اليوم حطمته ... وأطفأت فيه شعاع الأمل

أينشد من راودته الشجون ... كمن أسكرته لحون الجذل؟ هل تغيرت " هيلة " عما كانت بالأمس، أو أن الشاب الواهم بنى قصة حب ثم وجدها تريد ان تنقض فبكى أحلامه؟ ان حقيقة العلاقة بين بدر وتلك الفتاة أمر محفوف بالغموض، وسنعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى، ولكن يكفينا هنا ان نلمح قدرة الشاعر في هذا المجال " الرعوي " على أن يمنح قصيدته ما تتطلبه من انفعال عاطفي، وأن لا يشغله الرسم لأجزاء الصورة عما يريده من تعبير ينقل ذلك الانفعال. وفي ذات يوم عاد من المدرسة إلى قريته في إجازة قصيرة فصور " عودة الراعي " الذي رجع للمرعى القديم فرآه وقد غيرته الليالي وهجرته الراعية (١) :

لم تطل غيبتي عن الجدول الجاري وها إنني أراه يجف ... لم تطل غيبتي عن الطائر الممعن شدوا فما له لا يدف ... لم تطل غيبتي عن الزهر في الأكمام واليوم رنح الزهر قطف ... لم يطل عن حبيبتي أيها الروض غيابي فما لها لا تخف ... بل ربما صح ان نقول ان حدة الانفعال جعلت تجاربه في القصيد الجزل اكثر نجاحا، كما يتجلى ذلك في قصيدته " همسك الهاني " (٢) :


(١) تاريخها ٢٨/٤/١٩٤٣.
(٢) تاريخها ٢٩/٧/١٩٤٣، ديوان إقبال: ٦٩.

<<  <   >  >>