للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت تضطلع به المجلة الأولى من مدد مادي: " اكتب قصائد على مستواها، انك ابتدأت من حيث الشهرة خارج نطاق جماعة شعر منذ الآن، وسوف يخلو لك الميدان فلا منافس، منذ أول قصيدة تنشرها بعد انفكاكك من دار " شعر " وهنيئا لشعر بشعرائها الباقين؟ ماء إلى حصان العائلة، وهلم جرا " (١) .

ان ضروب ذلك النشاط وأنواع الاهتمام التي كان يبديها بدر تجاه أمور مختلفة متفاوتة تنبئ عن أن نسمة الحياة كانت ما تزال تتردد في بنيته النحيلة بقوة، وتشير أول رسالة من العراق بعث بها إلى حوار عن مدى انشغال نفسه بالموضوع الذي تحدث فيه إلى المؤتمرين برومة أعني موضوع الالتزام، ومع أنه لم يأت بشيء جديد حول تلك المشكلة نفسها، نجد لديه صورة جديدة يحاول أن يصوغ فيها رأيه في حقيقة الشعر: " أن الأثر الأدبي أو الفني يشبه اللؤلؤ وان عملية الخلق الأدبي تشبه إلى حد كبير عملية انبثاق اللؤلؤ وتولده داخل المحار؛ وحين يدخل إلى المحارة جسم غريب يحدث في أنسجتها الداخلية التهابا يجعلها تحيط ذلك الجسم الغريب بما نسميه فيما بعد لؤلؤة. وفي الإمكان إدخال جسم غريب إلى المحار بالإكراه لإحداث الالتهاب وتوليد اللؤلؤة، لكن مثل ذلك اللؤلؤ لن يكون إلا صناعيا لا يداني اللؤلؤ الأصيل في الجودة " (٢) ، ومعنى هذا أن الجسم الغريب هو المؤثرات الخارجية كالتوجيه السياسي أو ما اشبه، مما يعده بدر إلزاما لا التزاما؛ أما الرسالة الآنية فأنها حافلة بأخبار الأدب في العراق، مما يدل على تتبع حي للحركة الأدبية هنالك، وإذا كان لنا أن نوجه الانتباه إلى شيء يتصل ببدر في تلك الرسالة فهو فهمه الدقيق لمعنى عمود الشعر ومخالفته للذين يطلقون هذا الاصطلاح على كل الشعر


(١) من رسالته السابقة إلى أدونيس.
(٢) حوار، العدد ٦، ص: ١٠٧.

<<  <   >  >>