واراني هنا مضطرا للوقوف عند قول أحد الأدباء:" وكان بدر مع ذلك كله يزيد دائه بكثرة الشراب؛ لقد كان الشراب رفيقه الدائم في حالتي الصحة والمرض، وكثرة الشراب تسرع حتى بالأجسام السليمة إلى القبر "(١) ، وقد كان من الممكن أن أعيد هنا أيضاً قول الدكتور ادوادز، ولكن الأمر يتعلق بحقيقة هذا السؤال: هل كان بدر يكثر من الشراب حقا؟ وقد سألت بعض من عرفوه عن الكثب، فأكد أخوه مصطفى أنه مسرفا في الشراب قبل الزواج قم اصبح اقباله عليه قليلا من بعد. وشهد ثان كان يعمل معه في جريدة " الحرية " بأن صفة " الإسراف " هنا لا تنطبق عليه، ووضع الدكتور عبد الله السياب الجواب على هذه المسألة وضعا أدق حين قال:" لم يكن بدر يشرب كثيرا، وإذا جلس للشرب لم يتناول كمية كبيرة، ولكن لضعف صحته كان قليل من الشراب يتركه فاقد الوعي مدة ساعات ".
توفي بدر بعد ظهر يوم الخميس، وفي يوم الجمعة التالي نقل جثمانه إلى البصرة، ولرجح مرة أخرى إلى الأستاذ محمد علي إسماعيل ونستمع إلى ما يرويه: " وقفت سيارة كبيرة حمراء اللون فيها شخصان كويتيان، وقفت في محلة السيف بالبصرة، وسأل الكويتيان هل يوجد مسجد قريب، فأجاب شخصان آخران: أن جامع السيف مفتوح لصلاة العصر، وكانت السماء ممطرة وأدخلت الجنازة، وصلى عليها أربعة
(١) من مقال للأستاذ عيسى الناعوري بمجلة الإخاء العراقية (عدد أيلول ١٩٦٥) ويشير الأستاذ رشدي العامل إلى إحدى الجلسات فيقول: " شرب بدر حتى ثمل تماما، كنت اذهب بع فأغسل وجهه وكان يعود ليطلب شرابا جديد " وقد ذكر أن الشراب هو " البيرة " وإذا دل هذا على إسرافه في ليلة فلا يستشهد به على الإسراف المتواصل، كما أن ضعفه أمام النوع المذكور من الشراب قد يعني أن القليل من الكحول كان يترك في جسمه أثراً قويا. (أنظر ملف مجلة الإذاعة:٢٩) .