للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتستمعان إلى شعره وتبديان إعجابهما بذلك الشعر؟ وهذه كناية إذا ترجمت فهم منها انهما معجبتان به، أليس تقدير العبقرية تقديراً للعبقري نفسه؟ أما إحدى الفتاتين فتمتاز برقة وعذوبة وعينين وادعتين ونغمة حلوة وغمازتين لطيفتين، وهو يسميها " الأقحوانة "؟ مترجما اسمها الإنكليزي - وأما الثانية فإنها؟ في نظره - جميلة، أو بارعة الحسن، وإذا أراد أن يميزها بسمة فارقة سماها " ذات المنديل الأحمر "، وقد عرف من الأحاديث المتبادلة في رحاب الكلية أنها تكبره بسبع سنوات؛ وتلك حقيقة لا أثر لها في الحب، بل لها كل الأثر إذا كان السياب هو المفتون، فهو ما فتئ يبحث عن " أم "، وهذه أم وحبيبة معا، فهي أذن مطمح النظر، ومهوى الفؤاد، وكل المنى، ومن غير المستغرب أن يصف لها بدر في أول قصيدة ينظمها فيها غربته التي باعدت بينه وبين أبيه، وحاجته " لى ما يعوض عطف الأم (١) :

خيالك من أهلي الاقربين ... ابر، وان كان لا يعقل

أبي منه قد جردتني النساء ... وأمي طواها الردى المعجل

ومالي من الدهر إلا رضاك ... فرحماك فالدهر لا يعدل وحين ألحت على ذهنه حقيقة السنوات التي تفصل بينهما تألم لذلك (٢) :

مشى العمر ما بيننا فاصلا ... فمن لي بأن اسبق الموعدا

ومن لي بطي السنين الطوال ... ستمضي دموعي وحبي سدى ثم تذكر أن الحب " حاسب ماهر "، يستطيع أن " يطرح " السنين الزائدة جانبا فإذا العمر أخو العمر:


(١) ديوان إقبال ٨٢ - ٨٣ وتاريخها ٣١/١/١٩٤٤.
(٢) قصيدة " أراها غدا " ٢١/٤/١٩٤٤.

<<  <   >  >>