للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن حلمه وأنه رأى نفسه في القبر، ويتحدث عن الحب الريفي وأنه يريد أن يخلده في قصيدة طويلة، ويطلب إليه أن يخبره: " عنها وعنها وعنها، ألم ترهن أو تسمع عنهن ركزا؛ لعلي شوهت وجه الحقيقة بأن انقضت عددهن إلى ثلاث ". وفي ذلك الشهر نفسه نسمعه يقول عن حياته في القرية وفي صحبة الضيف المتوالي عن الأنظار بين نخيلها: " وفي ذات ليلة عقدنا مجلسا من مجالس الطرب في بستان آخر ودارت علينا الخمرة حتى سكرنا " (١) .

أن أي متأمل سيلحظ، ولا بد، ذلك الانقسام أو الازدواج في طبيعة بدر يومئذ، فهو ينتمي إلى حزب ينظر إلى المستقبل بتفاؤل، ويبني منهجه على قوة النضال، ويؤمن بالفرد ما دام في خدمة المجموع، ويتجه بكل طاقاته نحو الحياة، وبدر يمارس هذه الأمور " رسميا " باسم البطاقة التي يحملها، فإذا جن الليل وأخذ القلم ليكتب قصيدة أو رسالة تحدث عن الضياع أو عن الأحلام الفردية أو عن الموت، ونسي كل شيء سوى انه محروم من المرأة التي يحب. وفي عدم الاندماج بين هذين الطرفين يكمن السر كل السر في رفضه للشيوعية من بعد، وان تدخلت عوامل أخرى قوت لديه العزم على الانفصال.

على أنا يجب أن ننصفه، فانه رغم ذلك الازدواج، حاول جاهدا ان ينضوي تحت راية الحزب وان يعمل من اجل مبادئه بإخلاص، وكان في السنوات التي امتدت (بين ١٩٤٦ - ١٩٥٠) يستطيع أن يعيش؟ دون أزمة نفسية قوية - ممسكا رايتين متباينتين واضعا كل راية في يد، بعيدة عن الأخرى، وهو لا يحس بكثير من التناقض أو الاضطراب.

ولما انتهت العطلة الصيفية (١٩٤٦) وانتهت معها مدة الفصل عاد


(١) الحرية، العدد نفسه.

<<  <   >  >>