للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى بغداد وكان أول عمل قام به حين وصلها أن زار الرفيق حسين الشبيبي الذي كان موقوفا مع عدد من الرفاق، وتناول الغداء مع الموقوفين، وتحدث إلى حسين عن النشاط الشيوعي في البصرة وأبي الخصيب وزوده حين بنصائح وتعليمات وكان في ما قال له: " لقد تخرج جاسم حمودي فاستلم أنت مكانه في الدار "، وفرح بهذه المهمة الموكولة إليه ثم وجدها عبئا أثقل من أن يحمله جسمه النحيل فذهب إلى الرفيق يهودا صديق وطلب إليه ان ينتدب لتلك المهمة طالبا غيره (١) ؛ وكان تخيله رغبة منه في أن يضمن لنفسه القدرة على الاستمرار في الدراسة، فاستطاع أن يفوت على سلطات الكلية الإيقاع به، ومارس نشاطه الحزبي بشكل هادئ لا يلفت إليه النظر، دون أن يتغيب عن اجتماعات الخلية الطلابية؛ وظل على صلة وثيقة بصحيفة " القاعدة " التي أصبحت تنطبق باسم الحزب، وبكل منشور من منشوراته (٢) ؛ بل انه وفئة الرفاق في دار المعلمين نظموا مظاهرة حزبية (لعلها أواخر سنة ١٩٤٦) ، فذهبوا إلى مقهى على دجلة، ورسموا الخطة التي سيعتمدونها في توجيه المظاهرة، وكانت تقضي بأن يكون المتظاهرون مسلحين بالعصي؟ فاشتروا حزما كبيرة من الخيزران من السوق المجاورة للمقهى - وأن يتحشد عدد من الرفاق عند موقف أحد الباصات كأنهم ينتظرونه، حتى إذا جاء الباص تركوه يفوتهم وركضوا كأنهم يحاولون إدراكه، وعلت هتافاتهم وهم يجرون، وتساتلت إليهم من هنا ومن هناك جماعات عينت لها مراكزها، ولكن أخبار هذا الاستعداد تسربت إلى الشرطة، ففاجأت المظاهرة من المؤخرة، وقد تشابكت أيدي المتظاهرين كي لا يحدث أحد نفسه بالفرار، ولكن ما كادوا يحسون بالشرطة من ورائهم حتى ولى أكثرهم هاربا، وهرب الرفيقان اللذان كانا قد شبكا


(١) الحرية: العدد السابق.
(٢) المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>