للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يديهما بيدي بدر، في نترة مفاجئة، فسقط على الأرض وجرحت يده، ولما نهض رأى الرصيفين على جانبي الشارع يغصان بالشرطة، فتمالك نفسه وأخرج سيجارة وأشعلها، ودس يده المجروحة في جيبه، ومر في هدوء من أمام الشرطة فلم يلقوا إليه بالا، لآن هدوءه قد غطى على حقيقة موقفه (١) .

كان فهد خلال عام ١٩٤٦ قد وقف جل جهده على تحقيق غايتين: أولاهما تقليل الانقسامات بين اليساريين أو توحيد الجماعات اليسارية معا في جبهة واحدة، وإحراز الاعتراف الرسمي بالحزب، وقد ظلت الخطوط تنعثر في تحقيق الغاية الأولى إلى أن اعتقل في أوائل ١٩٤٧، فحدث تقارب بين حزب فهد وحزب الشعب (أو الأغلبية فيه) ، والجناح التقدمي في الحزب الوطني الديمقراطي وجماعة زكي الخيري وشريف الشيخ التي كانت قد انشقت عن حزب فهد من قبل، أما الغاية الثانية فلم يتم له تحقيقها أبداً، وعندئذ لجأ إلى استغلال واجهة خارجية للحزب عن طريق ما يسمى بحزب التحرر الوطني (جماعة السبيبي) ، فقد طلب إلى جميع الشيوعيين الانضمام إلى هذا الحزب، كما طلب إلى كل عضو عامل في حزب التحرر الوطني الانضمام إلى الحزب الشيوعي. وكان فهد يرجو ان يفيد من حزب التحرر في تنظيم لجان الطلبة واتحادات العمال (٢) ، وقد جاء اعتقال فهد وكثير من أعضاء حزبه أثر تسلم نوري السعيد للوزارة (واستقالة وزارة أرشد العمري) في الحادي والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٤٦؛ فقد بدأ نوري عهده بسياسة قمعية شديدة غايتها استئصال الشيوعية من جذورها، وأطلق رجاله لمباغتة كل وكر من أوكارها في الألوية المختلفة، وكانت ثمرة هذه


(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) Laqueur pp. ١٨٨ - ٨٩.

<<  <   >  >>