للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحكم مثل هذا، فحركني كلامه ولم يخرج أبو المطرف ذلك اليوم، فبكرت إليه وأنشدته:

أحمامةً فوق الأراكةِ بيّني ... بحياةِ من أبكاك ما أبكاك

أما أنا فبكيتُ من حُرَقِ الهوى ... وفراقِ مَنْ أهوى، فأنت كذاك فلما سمعها ابن هذيل قال لي: عارضتني، قلت: لا إنما ناقضتك، فقال: اذهب فقد أخرجتك من المكتب.

عارض هاتين القصيدتين أبو مروان المعروف بالبلينة فقال (١) :

أحمامةً بكتِ الهديلَ وانما ... طربت فغنتْ فوق غُصْنِ أَراكِ

معشوقة التثويبِ ذاتُ قلائدٍ ... غَنِيَتْ جواهرُهَا عن الأسلاك

ناحتْ على فَنَنٍ وكلُّ شجٍ بكى ... يوماً بلا دمعٍ فليس بباكي

لو كنتِ صادقةً وكنتِ شجيّةً ... جادتْ دموعُكِ حين جدَّ بكاك ٣٤١ - علي بن حصن كاتب المعتضد (٢) :

وما هاجني إلا ابن ورقاءَ هاتفٌ ... على فَنَنٍ بين الجزيرة والنهرِ

مُفَسْتَقُ طوقٍ لازورديُّ كَلْكَلٍ ... موشَّى الطلا أَحْوى القوادمِ والظهر

أَدار على الياقوتِ أجفانَ فضةٍ ... وصاغ من العقيان طوقاً من الشفر

حديدُ شبا المنقار داجٍ كأنه ... شبا قلمٍ من فضّةٍ مُدَّ في حبر

توسَّدَ من فرع الأراكِ أَريكةً ... ومال على طيِّ الجناح مع النحر

ولما رأى دمعي تُؤاماً أَرابَهُ ... بكائيَ فاستولى على الغُصُنِ النضر

وحثَّ جناحيه وَصَفَّقَ طائراً ... وطار بقلبي حيثُ طار ولا أدري


(١) الذخيرة ٣/ ١: ٣٤٧ - ٣٤٨ والبلنية: لقب له ومعناه الحوت (Ballena) ؛ وهو سعيد بن عثمان ابن مروان، وله ترجمة في الجذوة: ٢١٤ (البغية رقم: ٨٠٧) والمغرب ١: ١٩٢ واليتيمة ١: ٥٤ (وكنيته في المغرب أبو عثمان) .
(٢) الذخيرة٢/ ١: ١٦٦ والمسالك ١١: ٢١٨ وعنوان المرقصات: ٢٦ ونهاية الأرب ١٠: ٢٦٧ وحلبة الكميت: ٢٨٦ ورايات المبرزين: ٣٩ (١١ط. غرسية) ولابن حصن ترجمة في الذخيرة ٢/ ١: ١٥٨ والجذوة: ٢٩٦، ٣٧١ (البغية رقم: ١٢٣٢، ١٥٢٣) والمغرب ١: ٢٤٥ ونقل ابن سعيد عن الحجاري أن ابن حصن نشأ مع المعتضد ثم استوزره إلا أنه كان فيه طيش وخفة.

<<  <   >  >>