عمل في إنجاز هذا الكتاب رجلان، مؤلفه الذي جمع مادته وقسمها في فصول، وذلك هو التيفاشي، ثم رجل ثان عمد إلى ما جمعه التيفاشي فأعاد فيه الترتيب والتبويب، ووضعه في صورة نهائية، وسماه " سرور النفس " بعد أن كان اسمه الأول " فصل الخطاب "، وذلك هو محمد بن جلال الدين المكرم الذي شهر باسم " ابن منظور "؛ وسأعرف بمؤلف الكتاب، وبمرتبه ومهذبه، وبالكتاب نفسه.
- ١ -
[مؤلف الكتاب]
[١ - نظرة في مصادر ترجمته]
تعد الخطوط الكبرى في حياة التيفاشي محددو واضحة، لأنه هو مصدرها، في تلك الترجمة التي قيدها ابن العديم في " بغية الطلب " وهي تحتوي تفصيلات هامة، أغفلها الذين اطلعوا على تلك الترجمة من بعد مثل الذهبي في تاريخه، وابن فرحون في الديباج المذهب، إذ اكتفى هذان الؤرخان بإيراد الخطوط العريضة من تلك الترجمة؛ ومن الغريب أن الصفدي تجنب تاريخ أستاذه الذهبي، وهو شيء لم يعودنا عليه، ولم يفد من الأخبار التي أوردها ابن العديم، وهو يعرفه حق المعرفة، واكتفى ببناء ترجمة للتيفاشي مستمدة من مقدمة ابن منظور على " سرور النفس " واستخرج من هذا الكتاب ومن غيره بعض أشعاره. وتعد الملاحظات التي نثرها ابن سعيد في كتبه هامة في التعريف إلى التيفاشي، ولهذا يمكن ان يعد ضياع " المشرق " من بين كتب ابن سعيد على وجه الخصوص سبباً في فقدان كثير من المعلومات عنه وعن بني ندى، وعن أخباره مع الشعراء والعلماء المعاصرين.