للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى التلاعِ من الأقاحي حُلَّةٌ ... وعلى البقاع من الشقائق مُطْرَفُ

والغيمُ تنفشُةُ الرياحُ عشيّةً ... كالقطن في زُرْقِ الثياب يُنَدَّفُ

والقَطْرُ يهمي وهو أبيضُ ناصع ... ويصيرُ سيلاً وهو أغبر أكلفُ

والبرقُ يلمعُ مثلَ سيفٍ يتنضى ... والسيلُ يجري مثلَ أفعى تزحفُ ٦١٣ - أبو بكر الصنوبري (١) :

إن كان في الصيف أثماٌر وفاكهةٌ ... فالأرضُ مُسْتَوْقَدٌ والجوُّ تنورُ

وإن يكن في الخريفِ النخلُ مُخترفاً ... فالأرضُ محصورةٌ والجوّ مأسور

وإن يكن في الشتاء الغيمُ متصلاً ... فالأرضُ عريانةٌ والأفقُ مقرر

ما الدهرُ إلا الربيع المستنيرُ إذا ... جاء الربيع أَتاكَ النَّوْرُ والنور

فالأرضُ ياقوتةٌ والجوُّ لؤلؤة ... والنّبتُ فيروزجٌ والماءُ بلّور

لا تعدمُ الأرضُ كأساً من سحائبه ... فالنبتُ ضربان: سكرانٌ ومخمور

فيه جنى الورد منضودٌ مُوَرَّدَةٌ ... به المجالسُ والمنثورُ منثور

حيث التفتَّ فقمريٌّ وفاختةٌ ... وبلبلٌ وَوَرَاشِينٌ وزرزور

يطيبُ حول صحاريه المقامُ كما ... تطيبُ في غيره الحاناتُ والدور

فكلُّ ظهرٍ علونا فيه دَسْكَرةٌ ... وكلّ بطنٍ هبطنا فيه ماخور

تبارك الله ما أحلى الربيعَ فلا ... يغْرُرْ مُقَايِسَهُ بالصيفِ مغرور

من شمَّ طِيبَ تحيَّاتِ الرّبيع يقلْ ... لا المسكُ مسكٌ ولا الكافور كافور ٦١٤ - ابن وكيع (٢) :

فُرِشَ الفضاءُ بأحمرٍ وبأصفرٍ ... وبدتْ لنا حُلَلُ الربيع الأَزهرِ

حُلَلٌ تُعَدُّ إذا اجتهدتَ مقصراً ... في وصفها وتكونُ غيرَ مقصر

فترى الرياضَ كأنهن عرائسٌ ... يخلطنَ بين تمايُلٍ وتبختر

في جوهرٍ فاتَ الجواهرَ قيمةً ... لو أنه يبقى بقاءَ الجوهر

سرٌّ أسرَّ به السحائب في الهوا ... فأذاعه فانذاع أَجملُ منظر

سرٌّ طواه فلم يكن مستحسناً ... حتى أُشيعَ فكان أحسنَ مظهر


(١) ديوان الصنوبري: ٤٢ وفيه تخريجها، وورد بعضها في حلبة الكميت: ٢٣٩ للمعوج الشامي، وانظزر محاضرات الراغب (٢: ٢٥٣) .
(٢) حلبة الكميت: ٢٠٥ وديوان ابن وكيع: ٦٣.

<<  <   >  >>