للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨٠٢ - والعرب تقول (١) : السحاب ما إذا ألفته الصَّبا، وألقحته الجنوب، ومرته الشمال، فالمطر سحّ طبق، ولهذا قال: الهذلي (٢) :

مَرَتهُ الصَّبا وَزَهَتْهُ الجنوبُ ... وانتجفته الشمالُ انتجافا قال: وهذا على طَبْعِ البقاع، فإنّ أبا كبير الهذلي جعل الشمال قاشعةَ السحاب، وجعلها النابغة مستدرةً، وبه اقتدى البحتريّ في قوله (٣) :

قُلْ للسَّحابِ إذا حَدَتها الشمألُ ... وسرى بليلٍ رَكْبُهُ المتحمّلُ ٨٠٣ - قالوا: وأغزرُ السحاب ما نشأ يمين القبلة، وهي العين في قوله صلّى الله عليه وسلّم: إذا نشأت بحريَّة ثم تشاءمت فتلك عينُ غديقة؛ وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا رأى المطر قال: اللهم صيّباً نافعاً. وعن أنسٍ قال (٤) : أصابنا ونحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مطر، قال: فحسر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديثُ عهدٍ بربه.

٨٠٤ - قيل لأعرابيّ: هل كان من مطر؟ قال: نعم حتّى عفَّى الأثر، وهصر الشجر، ودهده الحجر.

٨٠٥ - خرج رجل من هذيل يرعى غنماً له وقد ضَعُفَ بصره، ومعه ابنةٌ له، فقال لها:

إني لأجدُ ريحَ المطر، فانظري إلى السماء، قالت: أرى السحاب كأنها ظُعُنٌ مقبلة، قال: ارعي واحذري، ثم قال: كيف ترينها، قالت: أراها قد انتصتْ كأنها بطن حمارٍ أصحر، فقال: إلجئي إلى الجبل ولا ملجأ لك، فلم تبلغ الجبل حتى دهمهم المطر.

٨٠٦ - قال العسكري (٥) : من الوصف الجيّد التامّ في تكاتف المطر قول


(١) انظر مجالس ثعلب: ٢٩٥ وفيه اختلاف في الرواية.
(٢) هو في محاضرات الراغب (٢: ٢٤٧) لأعرابية، وبيت الهذلي يرد بعده، وانظر مجالس ثعلب: ٢٨٩، ٢٩٠ والمخصص ٩: ١٠٣ واللسان (نجف) ووصف المطر: ٧٠.
(٣) ديوان البحتري: ١٥٩٩.
(٤) ورد الخبر في ربيع الأبرار ١: ١٤٧ (تحقيق د. سليم النعيمي) .
(٥) ديوان المعاني ٢: ٩ وانظر محاضرات الراغب (٢: ٢٤٨) .

<<  <   >  >>