للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالرعدُ صَهْصَلِقٌ والريحُ منخرقٌ ... والبرقُ مؤتلق والماء منبعق

قد حاك حَوْلَ الربى ثوباً له أرجٌ ... كأنه الوشي والدّيباجُ والسَّرَقُ

في صفرةٍ بينها حمراء قانية ... وصفرٌ فاقعٌ أو أبيضٌ يقق ٨١٢ - وقال أبو هلال العسكري (١) :

برقٌ يطرّز ثوبَ الليل مؤتلقُ ... والماءُ من ناره يهمي وينبعقُ

توقَّدَتْ في أديمِ الغيثِ جمرتُهُ ... كأنها غرّةٌ في الطِّرْفِ أو بلق

ما امتدَّ منها على أرجائه ذَهَبٌ ... إلا تحدَّر من حافاته ورق

كأنها في جبينِ المزنِ إذ لمعت ... سلاسلُ التبر لا يبدو لها حلق

فالرعدُ مرتجسٌ والبرقُ مُخْتلس ... والغيث منبجسٌ والسيلُ مندفق

والضالُ فيما طما من مائه غرقٌ ... والجزْع فيما جرى من سيله شرق

والغيمُ خز وأنهاءُ اللوى زَرَدٌ ... والروضُ وشيٌ وأنوارُ الربى سرق

والروضُ يزهوه عشبٌ أخضرٌ نضر ... والعشبُ يجلوه نَوْرٌ أبيضٌ يقق

والغيمُ إذ صاغ أنوارَ الربى صنع ... وحين ينظمها فوق الربي خرق

والقطر دُرٌ خلالَ الروض منتثر ... وقبل لأن يتلقى الروضَ متّسق

سقى ديارَ الذي لو متُّ من ظمأ ... ما كنتُ بالريّ من أحواضه أّثِقُ

من نازحٍ قلبُهُ دانٍ محلَّته ... والشملُ مجتمعٌ منه ومفترق

ما زال ينفرُ عنِّي وهو من نفري ... فالشكلُ مختلفٌ فيه ومتّفق

أشكو الهوى بدموعٍ قادها قَلَقٌ ... حتى علقن بجفني ردها الفرق

ففي الفؤاد سبيلٌ للأسى جَدَدٌ ... وفي الجفون مَقيلٌ للكرى قلق

لهيبُ قلبي أَفاضَ الدمعَ من بصري ... والعودُ يقطر ماءً حين يحترق ٨١٣ - حكى الأصمعيّ (٢) أنّ السبب الذي هاج بين ابن ميادة والحكم الخضري من محارب أن الحكم وقف لينشد بمصلَّى المدينة قصيدته في صفة الغيث، فمرَّ به ابن ميادة فسمع حتى انتهى إلى قوله:


(١) ديوان المعاني ٢: ٩ - ١٠ ولم يرد هنالك إلا الأبيات ١ - ٨ وكذلك هو في مجموع شعره: ١٢٤ ومرت منها الأربعة الأبيات الأولى في الفقرة: ٧٣٣ في ما تقدم.
(٢) انظر الموشح: ٣٥٧ والأغاني ٢: ٢٤٨.

<<  <   >  >>