للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: والخصبُ والقحط معتبر في بلادهم بكثرة جريان ريح الشمال وقلّته. قال: ولهم في الأرحاء مَنَافِسُ تُغْلَقُ وتفتح للريح فتقلّ وتكثر، وذلك أنها إن كانت قويّة حرقت الدقيق فيخرج أسود، وربّما حمي حجر الرحى فانفلق، فهم يحتاطون لذلك بما ذكرناه.

الدبور والنكب:

٩٦٠ - الريح الدبور والرياح النكب جميعها من الرياح العواصف غير المستطابة. ولا تجيء في أشعارهم إلاّ على سبيل الذم والتبرم لها. رَوَت عائشة (١) رضي الله عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا كان اليوم ذو الغيم والريح عرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، وإذا كان المطر سُرَّ وذهب ذلك عنه، قالت: فسألته فقال: إني أخشى أن يكون عذاباً سُلِّط على أمتي.

٩٦١ - وحدَّث عبد الله بن فرقد مولى المهدي قال: هبّت ريح زمن المهدي، فدخل المهدي بيتاً في جوف بيت فألزق وجهه بالتراب ثم قال: اللهم إني بريء من هذه الجناية، فإن كان هذا لخلق فاجعله غيري، فإن كنت أنا المطلوب من بين خلقك فها أنا ذا بين يديك، اللهم لا تُشَمِّت بي أهل الأديان، ولم يزل كذلك حتى انجلت الريح.

٩٦٢ - وقال شريح: ما هاجت ريحٌ قط إلا لسُقْمِ صحيح أو شفاء سقيم.

٩٦٣ - وأما الرياح النكب (٢) : فإن الرياح أجناسها أربع كما تقدم، الشمأل والجنوب والصعبا والدبور، وهاهنا ثمان رياح تسمى النكب، لأن كل ريح منها نكّبت عن مجرى الريح الأصليّة، ولكلّ ريح منها اسم يخصّها، وذلك أنه يهبّ مما يلي كل ريح من الرياح الأربع الأصلية ريحان، فتهبّ من ناحية الجنوب ريحان، إحداهما مما يلي المشرق وتسمى النعامى، والأخرى مما يلي المغرب وتسمى الهير؛ ويهبّ مما يلي الشمال ريحان: إحداهما مما يلي المشرق وتسمى المسع، والأخرى مما يلي المغرب وتسمى الجربياء؛ ويهب عن جنبتي المشرق ريحان إحداهما مما يلي الجنوب وهو المطلع الشتوي يقال لها الأزيب، والأخرى مما يلي الشمال وهو المطلع الصيفي ويقال لها المسع، والريحان الهابّتان عن جنبتي المغرب إحداهما مما يلي الشمال وهو المغرب الصيفي يقال لها محوة، والأخرى مما يلي الجنوب وهو المغرب الشتوي يقال لها الخريق، فجملة الرياح اثنتا عشرة ريحاً: الرياح الأصلية أربع، والنكب ثمان.


(١) انظر مصنف عبد الرزاق ١١: ٨٨.
(٢) قارن بالفقرة: ٩٢٩.

<<  <   >  >>