للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي يعومون على عكس سير الفلك، كالسباحة على خلاف جري الماء. وخصّ الشمس والقمر بالذكر ههنا، وفي سورة الأنبياء، لأن سيرهما سباحة أبداً على عكس دور الفلك، وسير الخمسة المتحيرة قد يكون موافقاً لدور الفلك عند الرجعة، والجري للاستقامة، والكنوس للدخول تحت الشعاع والاحراق. هذا كلام السجاوندي (١) .

٨ - وقال أبو الحسن الحوفي (٢) : (لا الشمسُ ينبغي لها أن تدركَ القمر) أي لا يصلح لها أن تدرك القمر فيذهب نوره بضوئها، فتكون الأوقات كلها نهاراً لا ليلاً (ولا الليلُ سابقُ النهار) أي يعاقب النهار حتى يذهب ظلمته بضيائه فتكون الأوقات كلها ليلاً، أي لكل واحد منهما حدٌّ لا يتجاوزه، إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.

٩ - وقال ابن فُوْرَك (٣) : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر في سرعة سيره، لأن سير القمر أسرع من سير الشمس. وروي أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قرأ: لا مستقر لها، أي أنها تجري في الليل والنهار، لا وقوف لها ولا قرار.

١٠ - وقال يحيى بن سلام (٤) : لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة، لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها.

و (العُرْجُون القديم) العذق اليابس إذا استقوس. قال: وفي استدلال قوم من هذه الآية على أن الليل أصل، والنهار فرع طارٍ عليه، نظر. وفي مستقر الشمس أقوال، منها أن مستقرها آخر مطالعها في المنقلبين، لأنهما نهايتا مطالعها، فإذا استقر وصولها كرت راجعة، وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين.

١١ - وقال أبو نصر القُشَيْري (٥) : ولا الليل سابق النهار أي غالب، فتمحي آية


(١) هو أبو عبد الله محمد بن طيفور السجاوندي، إمام مقري نحوي مفسر، كان في وسط المائة السادسة، له تفسير حسن للقرآن وكتاب عللك القراءات وكتاب الوقف والابتداء، (انظر طبقات القراء ٢: ١٥٧ والوافي ٣: ١٧٨ وبروكلمان. التاريخ ١: ٤٠٨ والتكملة ١: ٧٢٤) .
(٢) هو علي بن إبراهيم الحوفي (- ٤٣٠) صاحب البرهان في التفسير (انظر الوافيات ٣: ٣٠٠ وانباه الرواة ٢: ٢١٩) .
(٣) محمد بن الحسن بن فورك (- ٤٦٠) أحد شيوخ الأشاعرة، انظر ترجمته في السبكي ٣: ٥٢ وتبيين كذبم المفتري: ٢٧٢.
(٤) ترجم له في ميزان الاعتدال ٤: ٣٨٠.
(٥) انظر ترجمته في وفيات الأعيان ٣: ٢٠٧ وعبد الغافر: ٩٣ والسبكي ٤: ٢٤٩ وتبيين كذب المفتري: ٣٠٨.

<<  <   >  >>