للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أخضرٍ ناضرٍ في الماء يلحفه (١) ... وأبيضٍ تحت قبطيِّ الضحى يَقَق

تهزُّهُ الريحُ أحياناً فيمنحها ... للزجر خَفْقَ فؤادِ العاشق القلق

كأنَّ حافاتِهِ نُطِّقْنَ من زَبَدٍ ... مناطقاً رُصِّعَتْ من لؤلؤ نَسَق

كأنّ مثبتَهُ من سندسِ نمطٍ ... حسناءُ مجلّوةُ اللَّبات والعُنُق

إذا تبلّج نجمٌ فوق زرقته ... حسبتَهُ فرساً دهماءَ في بلق

أو لازَوَرْداً جرى في مَتْنِهِ ذَهَبٌ ... فلاح في شارقٍ من مائه شرق

عشيّة كَمُلَتْ حُسناً وساعدها ... ليلٌ يمدِّدُ أطناباً على الأفق

تُجْلَى بغرةِ وضاحِ الجبين له ... ما شئتَ من كرم دانٍ (٢) ومن خلق ١٥٠ - ولأبي عبد الله محمد بن إدريس الجزيري من جزيرة شقر، وهو المعروف بمرج كحل (٣) :

عّرِّجْ بمنعرج الكثيب الأعفر ... بين الفرات وبين شاطي الكوثر

وعشيةٍ قد بِتُّ أرقُب وقتها ... سمحتْ بها الأيامُ بعد تعذر

نلنا بها آمالنا في روضةٍ ... تهدي لناشقها نسيمَ العنبر

والدهرُ من ندمٍ يسفّهُ رأيه ... فيما صفا من عيشِهِ المتكدر

والورقُ تشدو والاراكةُ تنثني ... والشمسُ ترفلُ في قميصٍ أصفر

والروضُ بين مفضّضٍ ومذهبٍ ... والزهرُ بين مُدَرْهَمٍ ومدنَّر

والنهرُ مصقولُ الأباطح والربى ... بمصندلٍ من زهره ومعصفر

وكأنما ذاك الحبابُ فرنده ... مهما صفا في صَفْحِهِ كالجوهر

وكأنه وكأن خُضْرَةَ بُسْطِهِ ... سيفٌ يُسَلُّ على بساط اخضر

وكأنما وجناتُهُ محفوفةً ... بالآسِ والنعمان خدُّ معذر

روضٌ يهيم بحسنه من لم يهمْ ... ويجيدُ فيه الشعرَ من لم يشعر

ما اصفرَّ وجهُ الشمسِ عند غروبها ... إلا لفرقةِ حُسْنِ ذاك المنظر ١٥١ - وللحسن بن على ببجاية يصف اغتباقه مع أمير بجاية:

ولما نزلنا ساحةَ القصر راقنا ... بكلِّ جمالٍ مبهج الطرف مونقِ


(١) الحصري: والظل يلحقه.
(٢) الحصري: وافٍ.
(٣) ترجمته في الذيل والتكملة ٦: ١١١ والإحاطة ٢: ٢٥٢ (٢: ٣٤٤ عنان) وأزهار الرياض ٢: ٣١٥ والنفح ٥: ٥١.

<<  <   >  >>