للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه، كان في بيت ميمونة أم المؤمنين، ثم استأذن صلى الله عليه وسلم نساءه أن يمرض في بيت عائشة أم المؤمنين، فأذن له في ذلك (١) .

وعرض عليه عند إغمائه أن يلدوه، فنهاهم عن ذلك، فتمادوا على أمرهم ولدوه. واللد: شيء كانت تصنعه العرب، وهو دواء في شقي الفم. فلما أفاق أمر بالاقتصاص منهم كلهم، فلدوا كلهم، حاشا عمه العباس، فإنه لم يحضر ذلك الفعل إذ لدوه. ولدت سودة أم المؤمنين وهي صائمة (٢) .

فلما كان يوم الخميس قبل موته صلى الله عليه وسلم بأربع ليال اجتمع عنده جمع من الصحابة، فقال عليه السلام: ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً، لا تضلون (٣) بعدي. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما أراد بها الخير، فكانت سبباً لامتناعه من ذلك الكتاب، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندنا كتاب الله، وحسبنا كتاب الله. وساعده قوم، حتى قالوا: أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم (٤) وقال آخرون: أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لا تضلون بعده. فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالخروج من عنده. فالرزية كل الرزية ما حال


(١) جاء في المحلى ٧: ٨٢: ونستحب للمرأة والرجل أن يتطيبا عند الإحرام بأطيب ما يجدانه من الغالية والبخور بالعنبر وغيره، ثم لا يزيلانه عن أنفسهما؛ وكره الطيب للمحرم قوم؛ وقد دافع ابن حزم عن التطيب وأنكر على من كرهوه للمحرم.
(٢) هو " كتاب حجة الوداع " ومنه نسخة خطية بمكتبة فيض الله بالآستانة، مصورة على ميكروفيلم في معهد إحياء المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية. وسننشره إن شاء الله تعالى.
(٣) راجع ابن هشام ٤: ٢٩١، ٢٩٨ - ٣١٧، وابن سعد ٢ / ٢: ١٠ - ٨٠، والطبري ٣: ١٩٢ - ٢٠٧، وابن سيد الناس ٢: ٣٣٥ - ٢٤٢، وابن كثير ٥: ٢٢٣ - ٢٤٤، والإمتاع: ٥٤٠ - ٥٥١ والمواهب ٢: ٤٧٤ - ٥٠٥، وتاريخ الخميس ٢: ١٦٠ - ١٧٣، والبخاري ٦: ٩ - ١٦.
(٤) كتب في هامش النسخة: الصواب ثمانية إلا شيئاً، لأن أحداً كان على رأس الثالثة - كما تقدم -.

<<  <   >  >>