للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينه وبين ذلك الكتاب. إلا أنه لا شك لو كان من واجبات الدين ولوازم الشريعة لم يثنه عنه كلام عمر ولا غيره.

وكان في تلك المرضة قال لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتاباً وأعهد عهداً، لئلا يتمنى متمن أو يقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر. فلم يكن، والله أعلم، الكتاب الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتبه، فلا يضل بعده، إلا في استخلاف أبي بكر. وقد ظهرت مغبة ذلك، وكاد الناس يهلكون في الاختلاف فيمن يلي أمر المسلمين بعد، وفي الذي يلي من بعد من قام بعده، وإلى زمن علي، والأمر كذلك فيمن بعد علي. وبالجملة فالكتاب كان رافعاً لهذا النزاع، ولو لم يكن فيه إلا استراحة من سفك الدماء في أمر عثمان ومن بعده؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، فلقد هلكت في هذا طوائف، وتمادى ضلالهم إلى اليوم.

وصلى عليه السلام أبي بكر في الصف صلاة تامة، وصلى أبو بكر بالناس تلك الأيام، بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك إليه.

وخرج صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام وهو متوكئ على علي والعباس، وأبو بكر قد أخذ في الصلاة بالناس، فقعد عن يسار أبي بكر، وأبو بكر في موضع الإمام، وصار أبو بكر واقفاً عن يمينه في موضع المأموم، يسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، يؤمهم قاعداً وهم خلفه. فصار ذلك مؤيداً لما سبق من صلاته صلى الله عليه وسلم بالناس جالساً.

وكان هذا إجازة وقوف المذكر في مثل هذه الصلاة عن يمين الإمام.

<<  <   >  >>