للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسابًا عسيرًا يُستنطق الفرد ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة، فإن أجاب بالصدق والحق فيها وفيما عمل فبها ونعمت، وإن حاول الكذب أو الكتمان فإنه يُختم على فمه، وتستنطق جوارحه فتنطق بالذي عمل في دنياه، ولا تُخفي شيئًا.

ومن المواقف أيضًا: الصراط، إنه بعد وزن الأعمال والفراغ منها، وبيان السعيد من الشقي في الجملة يضطر الناس إلى المرور على الصراط، وهو جسرٌ دقيقٌ منصوبٌ على ظهر جهنم، والصراط عقبةٌ كأداء في طرق الذاهبين إلى دار السلام، وممر الخطير للغاية، يشهد لخطورته أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- يقف على جنباته والناس يمرون، وهو يدعو: ((رب سلم سلم)) ويكون مرور الناس بحسب أعمالهم في الدنيا، فمنهم من يمر بسرعة مدهشة حتى لكأنه البرق الخاطف، ومنهم من يمر دون ذلك إلى أن ينجو من ينجو ولو حبوًا على يديه وركبتيه، ويهلك من يهلك بسقوط في جهنم دار الشقاء والهوان.

وقد وصف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الصراط في معرض حديثه عن الشفاعة العظمى والمقام المحمود الذي وعده به ربه -تبارك وتعالى- في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء: من الآية: ٧٩) وصفه -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((بأن الأمانة والرحم تقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالًا؛ فيمر أول الناس كالبرق ... )) إلى غير ذلك ممّا ذكر -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أن قال: ((وفي حافتي الصراط كلاليبٌ معلقة مأمورة بأخذ من أُمرت به فمخدوشٍ ناجٍ ومكدوس في النار)) أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

وبعد أن يجتاز المؤمنون الصراط بسلام وأمان من الوقوع في النار يقفون على قنطرة بين الجنة والنار لتهذيبهم وتطهيرهم من كل ما كان بينهم من عداوات أو شحناء، أو حقوق لبعضهم على بعض، ثم بعد ذلك يؤذن لهم بدخول الجنة فيدخلون، وقد روى حديث القنطرة الإمام أبو عبد الله البخاري في صحيحه -رحمه الله-تبارك وتعالى- ونصه: ((يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون

<<  <   >  >>