للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت وظائف المسجد قد انكمشت في هذا العصر بعد أن زاحمته المؤسسات المعاصرة، وبسبب فتور التدين لدى بعض المسلمين، أو انحرافهم أو قعودهم عن سلوك الطريق المستقيم، والانخداع بزخرف الحياة المادية التي سادت في المجتمعات غير الإسلامية، وبسبب الضعف السياسي والاقتصادي الذي شاب الأقطار الإسلامية، التي وقعت فريسة للاستعمار السياسي بعد الاستعمار العسكري والفكري، ومع الهيمنة الاقتصادية للغير، ثم شيوع البدع والخرافات التي باعدت بين الكثيرين من المسلمين وبين الدين الصحيح.

إذا كان ذلك، كان على أمة الإسلام أن تعود إلى استعادة أعباء ووظائف المساجد، وإبراز العمل بها، فلا تظل مقصورة أو محصورة في أداء الصلوات، وإنما تمتد وتعود إلى التعليم وغيره على نحو ما سبق، وبهذا يظهر دور المسجد في التوجيه الاجتماعي.

بعض وظائف المسجد

"وظائف المسجد" ويشتمل هذا العنصر على النقاط التالية:

أ- المسجد دار للإفتاء:

تحدث -فيما مضى- عن دور المسجد في الدعوة إلى الله، وفي خدمة المجتمع عمومًا، وأود هنا أن أضيف إلى ذلك أمورًا أخرى يقوم بها المسجد، ومن ذلك أنه دار للإفتاء، ذلك أنه يقع للناس في أمور دينهم ودنياهم أشياء فيها غموض، تقلق بَالَهُم، فتهفو نفوسهم لإزالتها، فيتوجهون إلى المسجد حيث لا يخلو من عالم يفتيهم في أمور دينهم ودنياهم.

فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: ((بينما نحن جلوس مع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد، دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال لهم: أيكم محمد؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكئًا بين ظَهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ؟ فقال له الرجل: ابن عبد المطلب؟ قال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: قد أجبتك.

<<  <   >  >>