للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بطني. قال: فتعالج يا أمير المؤمنين؛ فإني أخاف أن تذهب نفسك، فقال: ربي خير مذهب إليه، والله، لو علمت أن شفاي عند شحمة أذني، ما رفعت يدي إلى أذني فتناولته، اللهم خِرْ لعمر في لقائك، قال: فلم يلبث أيامًا حتى مات -رحمه الله -تبارك وتعالى.

وعن المغيرة بن حكيم قال قالت لي فاطمة بنت عبد الملك -وهي زوج عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه- كنت أسمع عمر -رحمه الله- في مرضه الذي مات فيه يقول: اللهم اخف عليهم موتي، ولو ساعة واحدة من نهار، قالت: فقلت له يومًا: يا أمير المؤمنين، ألا أخرج عنك عسى أن تغفى شيئًا؛ فإنك لم تنم، قالت: فخرجت عنه إلى بيت غير البيت الذي هو فيه، قالت: فجعلت أسمعه يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص: ٨٣) يرددها مرارًا، ثم أطرق، فَلَبِثَ طويلًا لا أسمع له حسًّا، فقلت لوصيف له يخدمه: ويحك، انظر. فلما دخل صاح، فدخلت عليه، فوجدته ميتًا قد أقبل بوجهه على القبلة، ووضع إحدى يديه على فيه، والأخرى على عينيه -رحمه الله -تبارك وتعالى.

ومات عمر لعشر ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة -رحمه الله- وهو ابن تسع وثلاثين سنة وأشهر، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر -رحمه الله- فقد كان إمامًا خليفة زاهدًا عابدًا عالمًا بعلمه -رضي الله تعالى عنه.

في سيرة عمر بن عبد العزيز العلمية، وولايته

أنتقل بعد ذلك إلى العنصر الثاني في هذا اللقاء، وتحت هذا الموضوع، وهو بعنوان: "في سيرته العلمية وولايته" ويشتمل على النقاط التالية:

أ- طلبه للعلم:

قال يعقوب بن سفيان، وحدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني يعقوب عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان بعثه ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها، وكتب إلى صالح بن

<<  <   >  >>