العيال في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمهم دونهم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فخشيت ألا تثبت لي حجة عند خصومة، فرحمت نفسي فبكيت.
هكذا ذكر الذهبي -رحمه الله- عن عمر بن عبد العزيز، وهذا يبين شدة ورعه -رحمه الله -تبارك وتعالى- ويبين أيضًا عبادته لربه، فهو يخلو ويفكر في أمره -رضي الله تعالى عنه.
وعن صالح بن سعيد المؤذن قال: بينا أنا وعمر بن عبد العزيز بالسويداء، فَأَذَّنْتُ بالعشاء الآخرة، فصلى، ثم دخل القصر، فقلما لبث أن خرج، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس فاحتبى، فافتتح الأنفال، فَمَا زَالَ يُرَدِّدُهَا، ويقرأ كلما مر بتخوف تضرع، وكلما مر بآية رحمة دعا، حتى أذنت الفجر.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: كان عمر بن العزيز يسمر بعد العشاء الآخرة قبل أن يوتر؛ فإذا أوتر لم يكلم أحدًا.
وكان رحمه الله -تبارك وتعالى- يصوم الاثنين والخميس، والعشر -يعني: العشر الأول من ذي الحجة- كذلك كان يصوم عاشوراء وعرفة -رحمه الله تبارك وتعالى.
هـ- مرضه ووفاته:
قال ابن سعد -رحمه الله- قال محمد بن قيس: أول مرضه اشتكى لهلال رجب سنة إحدى ومائة، وكان شكواه عشرين يومًا -رحمه الله -تبارك وتعالى- وقال أبو زيد الدمشقي: لما ثَقُلَ عمر بن عبد العزيز دُعِيَ له بطبيب، فلما نظر إليه قال الرجل: قد سُقِيَ السمَّ. وهذا في الحقيقة قد ذكر في ترجمة عمر بن عبد العزيز: أنه سقي سمًّا؛ ليموت -رحمه الله -تبارك وتعالى- فقال هذا الرجل الطبيب: قد سقي السم، ولا آمن عليه الموت.
فرفع عمر بصره فقال: ولا تأمن الموت أيضًا على من لم يُسْقَ السُّمَّ ... قال الطبيب: هل أحسست بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قد عرفت حين وقع