للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنه -رحمه الله- ناقش الخوارج في بدعتهم، وأرسل إليهم كتبًا لهدايتهم، وهذا يدل على سلامة معتقده، وعلى تصديه -رحمه الله -تبارك وتعالى- إلى سائر الفرق الباطلة المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.

د- "ورعه وتواضعه وعبادته":

قال أبو شيبان -رحمه الله تعالى- قال كلامًا يتبين لنا من خلاله مَدَى شِدَّةِ وَرَعِ عُمَرَ بْنِ الْعَزِيز -رحمه الله -تبارك وتعالى- قال: بعث معي عمارة بن نسيّ إلى عمر بِسَلَّتَيْنِ مِنْ رُطَبٍ أَوَّل ما جاء الرطب -يعني: في بداية عهده في بداية موسمه، ولا شك أنه لم يكن قد أُكِلَ من قبل، والنفس تشتهي هذه المسائل أو هذا الطعام في أول خروجه؛ لأنه قد تركه فترة من الزمن، قال: فأتيته بهما -يعني: بالسلتين من الرطب- فقال: علام جئت بهما؟ قلت: على دواب البريد -يعني: أنت حملت هاتين السلتين على أي شيء؟ قال: على دواب البريد- قال: فاذهب، فبعهما بثمانية عشر درهمًا، فاشتراهما منه رجل من بني مروان، ثم أهداهما إلى عمر؛ فلما أُتِيَ بهما -يعني: إهداء إلى عمر بعد ذلك- قال عمر لأبي شيبان: يا أبا شيبان، كأنهما السلتان اللتان، أُوتِينَا بهما، قلت: نعم، فوضع -رحمه الله- إحداهما بين أيدينا فأكلنا منها، وبعث الأخرى إلى امرأته، وألقى ثمنهما في بيت المال -رحمه الله -تبارك وتعالى.

وقد ذكر الذهبي عنه قصة قال فيها -وقد دخلت عليه زوجه فاطمة، وهو في مصلاه قد سالت دموعه-: فقالت له: يا أمير المؤمنين ألشيء حدث؟ لأنه كان يبكي. قال: يا فاطمة إن تقلدت أمر أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فتذكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، والكبير، وذي

<<  <   >  >>