للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مظاهر مراعاة الأخلاق في النظام الاجتماعي الإسلامي التوادد والتراحم والتعاطف بين أفراده، فإن الإسلام دعا إليها، وقد شبه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حالَ المؤمنين في التراحم بمثَلٍ عظيم، فقد جاء في الحديث: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتعاطفِهِم وتراحمِهِم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى)) وفي الحديث الآخر: ((الراحمون يرحمُهم الله تعالى، ارحموا مَن في الأرض يَرْحَمْكُم مَن في السماء)).

وفراغ القلب من معاني الرحمة علامةٌ على شِقوة الإنسان، جاء في الحديث: ((لا تُنزع الرحمةُ إلا من شقي)).

والشفقة على الصغار والأولاد من علامات عمارة القلب والرحمة؛ جاء عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((قَبَّلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الحسنَ بنَ عليٍّ -رضي الله تعالى عنه- وعنده الأقرعُ بن حابس، فقال الأقرعُ: إن ليَ عشرةً من الوَلَد، ما قبَّلت منهم واحدًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: مَن لا يَرحم لا يُرحم)).

وفي القرآن الكريم في وصف صحابةِ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: من الآية: ٢٩).

فالتراحمُ بين المؤمنين من الصفات الأصلية فيهم، وتجعل المجتمع الإسلامي كالأُسرة الواحدة، والحق أنَّ مجتمعًا يصل فيه التراحمُ إلى هذا الحد لمجتمعٌ سعيدٌ حقًّا، ومع الرحمة تعاون نظيف على الخير، وأيد كريمة تمتد إلى كل ما هو محتاج؛ لأن الإسلام دعا إلى التعاون، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: من الآية: ٢).

وهذا التعاونُ المطلوبُ يشمل الأسرةَ، والجيرانَ، والأصحابَ، والرفيقَ في السفر، والمنقطعَ، والغريبَ، واليتيمَ، والمسكينَ، وكلَّ ذي حاجة في المجتمع الإسلامي، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا

<<  <   >  >>