للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسجد، ولو كان ذلك لا يجوز -كما قال الشافعي رحمه الله- لَمَا أقرهم داود -عليه السلام- على ذلك، ويقول: "انصرفا إلى موضع القضاء".

وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والخلفاء يقضون في المسجد، وقد قال مالك -رحمه الله تبارك وتعالى-: القضاء في المسجد من الأمر القديم -يعني: في أكثر الأمور- ولا بأس أن يجلس في رحبته؛ ليصل إليه الضعيف والمشرك والحائض، ولا يقيم فيه الحدود، ولا بأس بخفيف الأدب.

وقد قال أشهب: يقضي في منزله، وأين أحبَّ.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((أتى رجلٌ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه -صلى الله عليه وسلم- فلمَّا شهد على نفسه أربعة، قال: أبِكَ جنون؟ قال: لا، قال: اذهبوا به، فارجموه)) قال ابن شهاب فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال: كنت فيمن رجمه بالمصلى.

والشاهد من ذلك: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالرجم على هذا الرجل وهو في المسجد لما أتَى إليه وناداه وأخبره بما أخبره به.

أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية في هذا العنصر، وهي آخر نقطة فيه وفي هذا اللقاء، وهي بعنوان: "المسجد دار للرعاية الاجتماعية والصحية":

لقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقسم الأموال الواردة إليه على ذوي الحاجات، فإن لم تكن هناك أموال وكان الناس في حاجة، دعا الأغنياء إلى البذل والإنفاق، وقام بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في المسجد أيضًا، وفي أوقات الحرب يمكن أن يتخذ المسجد مأوًى لمن يلجأ إليه ويحتمي فيه، ودار للإسعاف عند الضرورة.

وعن المنذر بن جرير، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: ((كنا في صدر النهار عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فجاءه قوم عراة مجتاب النمار -والنمار: كساء من صوف مخطط، أو العباء-

<<  <   >  >>