للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الرغم من أنه كان أمام الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- تراث أجيال من الوثنية، والجهل والخرافات، واضطهاد الضعفاء، وكثرة الحروب بين القبائل، ومئات من الشرور الأخرى، إلا أنه استطاع -عليه الصلاة والسلام- بحياته الدعوية والإعلامية، أن يوصل دين الله -تبارك وتعالى- إلى عدد كبير من الناس، وأن يحمل أتباعه هذا الدين؛ كي يبلغوه إلى الناس ولم يُقْبَضْ -صلى الله عليه وآله وسلم- إلا وقد وصل صوته إلى آفاق بعيدة من العالم، وقد أرسل في ذلك رسلًا وكتبًا، ووقف في مواقف متعددة يدعو الناس إلى رب العزة والجلال -سبحانه وتعالى.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف أنجز الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- كل هذا في هذا الزمن القياسي؟!

ويجيبنا القرآن الكريم على هذا السؤال من واقع المهمة التي كلفه الله بها -وهي مهمة إعلامية بالدرجة الأولى- فقد حدد الله له هذه المهمة في كلمات دقيقة واضحة لا تحتمل لبسًا أو غموضًا وذلك في عديدٍ من الآيات الكريمة، كما قال تعالى -مثلًا- في سور الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (الأحزاب: من الآية: ٤٥ - ٤٦) وتؤكد هذه الآية أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- كان داعيًا للإسلام؛ فالدعوة إلى دين الله كانت مهمته الرئيسية التي كلفه ربه بها.

ويحدد الله -عز وجل- مهمة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في سورة المائدة، في قوله: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (المائدة: من الآية: ٩٢) والبلاغ هنا: هو الأخبار أو الإعلام برسالة الحق -جل وعلا- وقد قال الله -عز وجل- في نفس السورة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: من الآية: ٦٧).

ويتضح لنا من هذه الآيات، أن مهمة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- هنا، قاصرة على إعلام الناس بالرسالة التي كلفه بها ربه، ثم هو -بعد ذلك- غير مكلف بشيء أكثر من

<<  <   >  >>