للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الاعتراض على البعث ناقشهم الله -سبحانه وتعالى- وآتاهم الدليل تلو الدليل لإثبات البعث والنشور؛ فقال لهم -سبحانه وتعالى- ما معناه أن البعث الذي تكذبون به لا يختلف عن النشأة الأولى التي تنسبونها إلى الله، وأن الذي تقرون له بخلق السموات والأرض -وهي أكبر من خلقكم- قادر على إعادتكم للحياة مرة ثانية بعد أن تموتوا، وأن إحياء الأرض بعد موتها لا يختلف عن خلق الحياة في الأجساد المَيْتَة، ثم أن الرب -سبحانه وتعالى- قد أعاد إلى الحياة أناسًا وبهائمَ وطيورًا بأعيانها إلى الحياة مرة ثانية: كقتيل بني إسرائيل.

وهكذا في كل الشئون العقائدية والإيمانية جادل القرآن الكريم أرباب الشبهات، ودمغ باطلهم، وصدق الله في قوله: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: من الآية: ١٨).

وفي الأوقات التي يضعف فيها المسلمون يتعالى استهزاء الكفار بالإسلام وأهله، ويؤدبنا الله -تبارك وتعالى- في مثل هذه الأوقات بآداب الإسلام من الصفح الجميل والتذرع بالصبر والإعراض عن الجاهلين، والفزع إلى الصلاة والاستئناس في هذه الفرية بحب الله ومرضاته، وحسن التضرع إليه، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (الحجر: ٨٥) وكون الساعة آتية يعني أن كل مستهزئ سيبلغ جزاءه، وقال تعالى أيضًا: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} (المزمل: ١٠) وقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: ١٩٩).

وكل من لم يعرف ربه وخالقه وخالق هذا الكون، وفيما خلق، وإلى أين يسير؛ فهو جاهل، وما أكثر هؤلاء الجهلة في عصرنا الحاضر، وإن كانوا أمام الناس يحملون شهادات عليا.

وهم في الحقيقة من أجهل الناس وأكفرهم، وذلك

<<  <   >  >>