للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المسلمين، ويظهر ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- عندما بعث بكتاب إلى قريش يخبرهم فيه بخروج رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى مكة، وقد أشار القرآن إلى ذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} (الممتحنة: من الآية: ١) إلى آخر ما جاء في هذه الآيات.

وكذلك النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا أراد أن يغزو جهة مر بغيرها، ثم انطلق إلى الجهة التي يريدها، وقصة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في غزة بدر مع الأعرابي لما طلبوا منه أن يخبراه عن نشأته، وعن أصله، ومَنْ هو؟ فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((نحن من ماء)) ثم انصرف؛ لأنه يريد- صلوات الله وسلامه عليه- أن لا يفشي سر جماعته، ولا قومه، ولا أصحابه الذين يقاتلون في سبيل الله، يريد أن لا يخبرهم بأي أمرٍ عن المسلمين كي يحفظ سرهم، ولا يعرف العدو شيئًا عن أخبارهم.

الأمر الرابع الذي يجب أن نأتي به قبل إرادة الجهاد في سبيل الله: اختيار المكان المناسب، وهو ما يُعرف في النظم الحديثة بالاستراتيجية العسكرية:

وقد تحدّث التاريخ عن موقف الحباب بن المنذر في غزوة بدر، قد نزل النبي -صلى الله عليه وسلم بمكان، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أرأيت هذا المنزل أمنزلًا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال: يا رسول الله إن هذا المكان ليس لنا بمنزل، وأشار عليه بأرضٍ تصلح للحرب، فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: لقد أشرت بالرأي، ونهض رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بمن معه من المسلمين.

الأمر الخامس الذي يجب أن يعتني به المسلمون عند إرادتهم الجهاد: دعوة الكفار للإسلام قبل الحرب، وعدم التمثيل بالأعداء، أو قتل النساء والأطفال والشيوخ، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمّر أميرًا على جيشٍ أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله -تبارك وتعالى- وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قاله: اغز في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا ... إلى آخر ما كان يذكره -صلى الله عليه وآله وسلم.

<<  <   >  >>