للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد أثبتت الأيام والأحداث سلامة رأي الصديق وصواب قراره الذي اعتزم تنفيذه معتمدًا في ذلك على الدقة التامة في التزام المنهج النبوي والأمر النبوي، والتصميم الملهم في وقته المناسب، والنظر البعيد إلى المستقبل. رضي الله تعالى عنك يا أبا بكر، لقد كنت تدرك ما وراء خروج هذا الجيش بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.

كما قام الصديق -رضي الله عنه- بحرب المرتدين، وجهز الجيوش لكل ناحية من نواحي الجزيرة العربية، فنصر الله الإسلام وأذل الكفر، وكانت النتيجة خلال سنة واحدة -كما قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله-: استهلت هذه السنة -يعني سنة اثنتي عشرة للهجرة- وجيوش الصديق وأمراءه الذين بعثهم لقتال أهل الردة جوالون في البلاد يمينًا وشمالًا، لتمهيد قواعد الإسلام وقتال الطغاة من الأنام، حتى رد شاردَ الدين بعد ذهابه، ورجع الحق إلى نصابه، وتمهدت جزيرة العرب، وصار البعيد الأقصى كالقريب الأدنى، إن كل واقعة من حروب الردة تشهد بأن أهل الباطل لا يحترمون أهل الحق إلا بالقوة والجهاد، ولقد ترتب على حروب الردة عدة نتائج، من أهمها:

لقد تكسرت وتحطمت قوى الشر من يهود ونصارى ووثنيين الذين تستروا تحت شعارات عدة أمام صلابة التوحيد وحقيقة التصور السليم والقيادة الحكيمة، وتركت لنا الأحداث الجسيمة ثروة ضخمة في معاملة المرتدين وأحكامهم، وفي المنهج الصحيح لمعاملة الخارجين عن دولة الإسلام العظيمة، كانت حروب الردة إعدادًا ربانيًّا للفتوحات الإسلامية، حيث تميزت الرايات وظهرت القدرات، وتفجرت الطاقات، واكتشفت قيادات ميدانية، وتفنن القادة في الأساليب والخطط الحربية، وبرزت مؤهلات الجندية الصادقة، المطيعة المنضبطة الواعية، التي تقاتل وهي تعلم

<<  <   >  >>