ب- النقطة الثانية في هذا العنصر، وهي بعنوان: الأدلةُ على ذَمِّ التفرق والاختلاف:
الجماعةُ هي الأصل، وملازمتُها هو الواجبُ والمطلوبُ، أما مفارقة الجماعة فأمر طارئ وحادث، وهو مع ذلك أمر خطير وشنيع، ويؤدي إلى الهلاك والدمار -والعياذ بالله تبارك وتعالى- لأن التفرق يُضعف الأمة، ويذهب بهيبتها، ولذلك جاءت الآيات الكثيرة تحذِّر منه، وتحمل في ثناياها الوعيدَ الشديدَ لمَن ترك الجماعة وفارقها.
وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال:"يوم تبيض وجوه أهلُ السنة، وتسود وجوه أهلُ البدعة".
ولو تأملت هذه الآيةَ مرةً أخرى، ونظرت إلى قوله تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} والخطابُ موجه لجماعة المؤمنين، وفيه تحذير شديد، ونهي كبير عن التفرق والاختلاف بعدَ مَا جاءنا من عند الله -عز وجل- وبعد ما جاءتنا البينات الواضحات التي أتى بها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد بينت الآية أن التفرق والاختلاف مآلُ أصحابه إلى النار وبئس القرار، أما اتِّباع الكتاب والسنة فمآلُ أصحابه إلى الجنة ونعم القرار والمصير؛ والله -عز وجل- نهى في آيات كثيرة عن التفرق -أيضًا- والاختلاف، وهذا كما جاء في قوله:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونََ}(الأنعام: من الآية: ١٥٣).
ولعل الملاحظ من هذه الآية: أن الله -تبارك وتعالى- أفردَ الصراط هنا بالذكر، حينما ذكر الصراطَ ذكره مفردًا، قال:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} لأن الطريق إلى الله واحد؛