للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يمتحن: يا ميموني، ما قام أحد في الإسلام مقام أحمد بن حنبل، فعجبت من هذا عجبًا شديدًا، وذهبت إلى أبي عبيد القاسم بن سلام، فحكيت له مقالة علي بن المديني، فقال: صدق. إن أبا بكر وجد يوم الردة أنصارًا وأعوانًا، وإن أحمد بن حنبل لم يكن له أنصار ولا أعوان، ثم أخذ أبو عبيدة يطري أحمد، ويقول أبو عبيدة القاسم بن سلام يقول: لست أعلم في الإسلام مثله، وقال أبو إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه، وقال علي بن المديني: إذا ابتليت بشيء فأفتاني أحمد بن حنبل لم أبالِ إذا لقيت ربي كيف كان. وقال أيضًا: إني اتخذت أحمد حجة فيما بيني وبين الله -عز وجل. ثم قال: ومن يقوى على ما يقوى عليه أبو عبد الله.

وقال يحيى بن معين: كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط: كان محدثًا، وكان حافظًا، وكان عالمًا، وكان ورعًا، وكان زاهدًا، وكان عاقلًا، وقال يحيى بن معين أيضًا: أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل، والله ما نقوى أن نكون مثله، ولا نطيق سلوك طريقته.

هذا بعض كلمات مما قيل في هذا العالم الجليل، وقد أحببت أن أذكر أكثر من هذا، ولكني أكتفي بما ذكرت وقلت، وأردت بهذا أن أنوّه بشأن هذا الإمام العالم الجليل الذي امتحن في الله -تبارك وتعالى- كما سيأتي بيان ذلك، وأن أبين لعموم المستمعين ولطلبة العلم حتى يبلغوا ما وراءهم، بأن الإمام أحمد بن حنبل كان إمامًا في أهل السنة والجماعة يقتدى به، وأنه سلك طريقة سلف هذه الأمة الصالحين، وأن أعيان أئمة أهل العلم أثنوا عليه -رحمه الله- وعليه أقول: لا يلتفت إلى من غمز أو لمز على هذا الإمام الرباني، العالم الجليل -رحمه الله تبارك وتعالى.

وصيته ووفاته: عن أبي بكر المروزي قال: نبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل، ولا شك أنه كان يواصل، إما لمرضه أو لعدم طعام يأكله -رحمه الله- فقد كان زاهدًا متعففًا، قال: فإذا هو قاعد، فقال -يعني الإمام أحمد- هو الذي قال:

<<  <   >  >>