أحمد -رحمه الله- يأكل شيئًا من ذلك بالكلية، ثم أقسم عليه ولده حتى شرب قليلًا من السويق بعد ثمانية أيام، وجاء عبيد الله بن يحيى بن خاقان بمال جزيل من الخليفة جائزة له، فامتنع من قبوله، فألح عليه الأمير فلم يقبل، فأخذها الأمير ففرقها على بنيه وأهله، وقال: إنه لا يمكن ردها، لا يمكن ردها على الخليفة، وكتب الخليفة لأهله وأولاده في كل شهر بأربعة آلاف درهم، فمانع أبو عبد الله الخليفة، فقال الخليفة: لا بد من ذلك، وما هذا إلا لولدك، فأمسك أبو عبد الله عن ممانعته، ثم أخذ يلوم أهله وعمه -رحمه الله تبارك وتعالى.
وهكذا ينتصر الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- بعد أن ثبت في المحنة، وبعد أن ضرب وحبس وأوذي إيذاءً شديدًا -رحمه الله- إلا أن الله -عز وجل- أعز به الدين، ونصر به السنة، ورفع به راية القرآن الكريم، وبالتالي أصبح الإمام أحمد إمام عند أهل السنة والجماعة، ونحن ندعو طلبة العلم إلى أن يستفيدوا من مواقف هذا الإمام الجليل، وأن يصبروا على الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- وهم في ذلك متمسكين بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية وفق فهم سلف أهل الأئمة الصالحين.
وأكتفي بهذا وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.