للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويناقش: بأن بيع الأعضاء يكون فيه الامتهان إذا كان بقصد التجارة والتكسب، وأما إذا كان لغرض إنقاذ إنسان فهو لا يتعارض مع التكريم للإنسان.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (١).

وجه الدلالة: أن الله خلق الإنسان في أحسن صورة وجعل لكل عضو وظيفة في جسم الإنسان، وبيعها تعطيل لهذه الوظيفة.

ويناقش: بعدم التسليم لتعطيل وظيفة العضو، فإن من إحسان خلق الله وقدرته أن جعل الإنسان يستطيع الحياة بعضو واحد من الأعضاء المتكررة في الجسم مثل العين، أو الكلية.

الدليل الثالث: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قَالَ اللَّهُ: «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ» (٢).

وجه الدلالة: الحديث فيه دلالة على تحريم بيع الحر، وإذا حرم بيع الكل حرم بيع الجزء.

الدليل الرابع: أن أعضاء الجسم ليست مالا، وليست ملكا للإنسان، فلا يصح تصرفه فيها، ومن شروط صحة البيع أن يكون البائع مالكا للمبيع وتحت تصرفه (٣)، وقد نقل ابن حزم اتفاق الفقهاء على ذلك فقال: [واتفقوا أن بيع المرء مالا يملك، ولم يجزه مالكه ولم يكن البائع حاكما ولا متنصفا من حق له، أو لغيره، أو مجتهدا في مال قد يئس من ربه، فانه باطل] (٤).


(١) التين: ٤.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب إثم من باع حرا، برقم (٢٢٢٧) ٣/ ٨٢.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ٥/ ١٤٢، والمبدع ٤/ ٦، والعدة شرح العمدة ١/ ٢٣٩.
(٤) مراتب الإجماع ص: ٨٤.

<<  <   >  >>