للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مَلِيحٍ الطَّرَايِفِيُّ، بِمِصْرَ - ثنا لُؤْلُؤُ الْخَادِمُ، - خَادِمُ الرَّشِيدِ - قَالَ: " جَرَى بَيْنَ هَارُونَ الرَّشِيدِ وَبَيْنَ ابْنَةِ عَمِّهِ زُبَيْدَةَ مُنَاظَرَةٌ وَمُلَاحَاةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ , فَقَالَ هَارُونُ لَهَا فِي عَرَضِ كَلَامِهِ: «أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» , ثُمَّ نَدِمَ وَاغْتَمَّا جَمِيعًا بِهَذِهِ الْيَمِينِ , وَنَزَلَتْ بِهِمَا مُصِيبَةٌ لِمَوْضِعِ ابْنَةِ عَمِّهِ مِنْهُ , فَجَمَعَ الْفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْيَمِينِ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهَا مَخْرَجًا , ثُمَّ كَتَبَ إِلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ مِنْ عُمَّالِهِ أَنْ يُحْمِلَ إِلَيْهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ بُلْدَانِهِمْ , فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَلَسَ لَهُمْ وَأُدْخِلُوا عَلَيْهِ , وَكُنْتُ وَاقِفًا بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَمْرٍ إِنْ حَدَثَ يَأْمُرُنِي بِمَا شَاءَ فِيهِ , فَسَأَلَهُمْ عَنْ يَمِينِهِ، وَكُنْتُ الْمُعَبِّرَ عَنْهُ , وَهَلْ لَهُ مِنْهَا مَخْلَصٌ , فَأَجَابَهُ الْفُقَهَاءُ بِأَجْوِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ , وَكَانَ إِذْ ذَاكَ فِيهِمُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ أُشْخِصَ مِنْ مِصْرَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ , وَهَارُونُ يُرِاعِي الْفُقَهَاءَ وَاحِدًا وَاحِدًا , فَقَالَ: بَقِيَ ذَلِكَ الشَّيْخُ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ , فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ: مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ كَمَا تَكَلَّمَ أَصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: قَدْ سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ , وَفِيهِ مَقْنَعٌ , فَقَالَ: قُلْ لَهُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: لَوْ أَرَدْنَا ذَلِكَ سَمِعْنَا مِنْ فُقَهَائِنَا وَلَمْ نُشْخِصْكُمْ مِنْ بُلْدَانِكُمْ , وَلَمَا أُحْضِرْتَ هَذَا الْمَجْلِسَ، فَقَالَ: يُخَلِّي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَجْلِسَهُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَ كَلَامِي فِي ذَلِكَ , فَانْصَرَفَ مَنْ كَانَ بِمَجْلِسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنَّاسِ , ثُمَّ قَالَ: تَكَلَّمْ , فَقَالَ: يُدْنِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِالْحَضْرَةِ إِلَّا هَذَا الْغُلَامُ , وَلَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهُ عَيْنٌ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَمَانِ , وَعَلَى طَرْحِ التَّعَمُّلِ وَالْهَيْبَةِ وَالطَّاعَةِ لِي مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَمِيعِ مَا أَمَرَ بِهِ؟ قَالَ: لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: يَدْعُو أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمُصْحَفٍ جَامِعٍ , فَأَمَرَ بِهِ فَأُحْضِرَ , فَقَالَ: يَأْخُذُهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَتَصَفَّحُهُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى سُورَةِ الرَّحْمَنِ , فَأَخَذَهُ وَتَصَفَّحَهُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى سُورَةِ الرَّحْمَنِ , فَقَالَ: يَقْرَأُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَرَأَ فَلَمَّا بَلَغَ: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ قَالَ: قِفْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَهُنَا , فَوَقَفَ فَقَالَ: يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: وَاللهِ , فَاشْتَدَّ عَلَى الرَّشِيدِ وَعَلَيَّ ذَلِكَ , فَقَالَ لَهُ هَارُونُ: مَا هَذَا؟ قَالَ ⦗٣٢٤⦘: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى هَذَا وَقَعَ الشَّرْطُ , فَنَكَّسَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ رَأْسَهُ - وَكَانَتْ زُبَيْدَةُ فِي بَيْتٍ مُسْبَلٍ عَلَيْهِ سِتْرٌ , قَرِيبٍ مِنَ الْمَجْلِسِ , تَسْمَعُ الْخِطَابَ - ثُمَّ رَفَعَ هَارُونُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَاللهِ , قَالَ: الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ , إِلَى أَنْ بَلَغَ آخِرَ الْيَمِينِ , ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَخَافُ مَقَامَ اللهِ؟ قَالَ هَارُونُ: إِنِّي أَخَافُ مَقَامَ اللهِ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَهِيَ جَنَّتَانِ وَلَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ , فَسَمِعْتُ التَّصْفِيقَ وَالْفَرَحَ مِنْ خَلْفِ السِّتْرِ , وَقَالَ هَارُونُ: أَحْسَنْتَ وَاللهِ , بَارَكَ اللهُ فِيكَ , ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَوَائِزِ وَالْخِلَعِ لِلَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , ثُمَّ قَالَ هَارُونُ: يَا شَيْخُ , اخْتَرْ مَا شِئْتَ , وَسَلْ مَا شِئْتَ تُجَبْ فِيهِ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَهَذَا الْخَادِمُ الْوَاقِفُ عَلَى رَأْسِكَ؟ فَقَالَ: وَهَذَا الْخَادِمُ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَالضِّيَاعُ الَّتِي لَكَ بِمِصْرَ وَلِابْنَةِ عَمِّكَ أَكُونُ عَلَيْهَا , وَتُسَلَّمُ إِلَيَّ لَأَنْظُرَ فِي أُمُورِهَا؟ قَالَ: بَلْ نُقْطِعُكَ إِقْطَاعًا , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا أُرِيدُ مِنْ هَذَا شَيْئًا , بَلْ تَكُونُ فِي يَدِي لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَلَا يَجْرِي عَلَيَّ حَيْفُ الْعُمَّالِ , وَأُعَزَّ بِذَلِكَ , فَقَالَ: لَكَ ذَلِكَ , وَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ وَيُسَجَّلَ بِمَا قَالَ , وَخَرَجَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِجَمِيعِ الْجَوَائِزِ وَالْخِلَعِ وَالْخَادِمِ , وَأَمَرَتْ زُبَيْدَةُ لَهُ بِضِعْفِ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّشِيدُ , فَحُمِلَ إِلَيْهِ , وَاسْتَأْذَنَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مِصْرَ , فَحُمِلَ مُكَرَّمًا , أَوْ كَمَا قَالَ ". أَسْنَدَ اللَّيْثُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ , وَقِيلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ التَّابِعِينَ , وَأَدْرَكَ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ دُونَهُمْ مِائَةً وَخَمْسِينَ نَفْسًا. وَحَدَّثَ عَنِ اللَّيْثِ مِنَ الْأَعْلَامِ: هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ , وَعَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ , وَحَيَّانُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمِنَ الْمِصْرِيِّينَ ابْنُ لَهِيعَةَ , وَهِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>